الأحد، 25 يناير 2015

مقتل شيوعية مصرية في ذكرى ثورة 25 يناير

مقتل شيوعية مصرية في ذكرى ثورة 25 يناير

 

مصعب المشرّف

25 يناير 2015م

 

 


شهد خروج بعض الإتجاهات والمناشط السياسية المصرية لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير 2011م صباح اليوم مقتل السيدة/ شيماء الصباغ (34 سنة) فور إصابتها بطلق ناري في رأسها ، أطلقه عليها أحد عناصر الأمن المصري ؛ بشهادة من حضر ورأى وسمع من المصريين والصحفيين الأجانب.

 


القتيلة شيماء الصباغ متزوجة وأم لطفل واحد . وهي ناشطة شيوعية مصرية مشهورة . خرجت لتشارك في مناسبة حلول ذكرى 25 يناير التي يعتبرها المصريون وليدة شرعية من رحم الأمة المصرية بمختلف ألوان طيفها السياسية وتوجهاتها الفكرية والعقائدية.

 


وفي الوقت الذي لقي فيه مصرع الناشطة شيماء إستنكاراً محلياً وعالمياً واسعاً . إنبرى رئيس الوزراء المصري الحالي "إبراهيم محلب" لإدانة الحادث وإستنكاره .. وأقسم بيمينه وما ملكت يداه أنه لن يدع المتورط في هذا الحادث يفلت من العقاب.

 


ولكن الذي يترسخ منذ الماضي السحيق في أضابير الحساب والعقاب التي تواجهها قوات مكافحة الشغب والداخلية المصرية . سيدرك أنه من الصعب إن لم يكن من المحال أن يأخذ قسم رئيس الوزراء محلب مداه من التطبيق الفعلي .. وسيضيع مثل غيره في دهاليز وأروقة المحاكم الصورية... وينجو الجاني من العقاب ويخرج كالشعرة من العجين... ولن تجدوا لسنة الداخلية المصرية تبديلا.

 


وأكثر ما يخشاه العقلاء الآن أن تجنح سفينة التحقيقات المصرية الرسمية إلى الفبركة ؛ وتوجيه أصابع الإتهام إلى محموعة إرهابية مصطنعة تابعة لجماعة الإخوان .. وهناك بالطبع أكثر من سجين تأبيدة جاهز لتربية لحيته وصبغ جبهته بزبيبة الصلاة ؛ وحفظ بعض إكليشيهات إسلامية وأدبيات إخوانية إرهابية تمهيداً للخروج وترديد والإدلاء بإعترافات عن العملية أمام كاميرات الإعلام.

 


واقع الأمر أن الشحن الإعلامي المفرط ضد الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية. ومقتل العديد من عناصر الداخلية والجيش المصري على يد عناصر إسلامية في سيناء والقاهرة ، ومختلف المحافظات المصرية . نراه قد أسهم إلى حد كبير في وضع عناصر الأمن المصري تحت حالة إستثنائية من الإستنفار والتحفز .. وعلى نحو جعل فيه كل الأهداف الثابتة والمتحركة تبدو في نظرهم إسلامية إرهابية وبالتالي مشروعة الإستهداف بالرصاص الحي في الدماغ.

 


الشيء الذي لم يلتفت إليه نظام السيسي وداخليته . أن التعامل الأمني القمعي مع أنصار ثورة 25 يناير ، سيصب في نهاية المطاف لمصلحة الجماعات الإسلامية على مختلف شعابها . وسيجعل من ثورة 25 يناير وكأنها قد خرجت من رحم الإخوان .. ويمنح الإخوان بالتالي وليداً شرعياً لم يأتي من أصلابهم ولا حملته ووضعته أرحامهم.


 

ينبغي والحال كذلك أن يبتعد نظام السيسي والإعلام المصري المؤيد للدولة العلمانية .. ينبغي أن يبتعد عن "مفاهيم الفرعنة" وقناعاتها وأدواتها المعهودة في الأنظمة السياسية المصرية الحاكمة منذ الأزل ...


ومصطلح الفرعنة يشير هنا وبإختصار إلى واقع أن كل نظام سياسي مصري يفلح بالوصول إلى سدة الحكم ؛ يسارع تلقائياً إلى تكريس الأنا والذات فيه دون غيره. ويعتبر أن مصر لم تبدأ إلا من تحت قدميه .... يعادي معاصريه ؛ ويلغي ويناهض ويحارب ويقلل في هذا المنحى والسياق من شأن كافة الأنظمة السياسية التي سبقته . ويعمل جهد إستطاعته لتغييبها ووضعها في الرف..... كل هذا في الوقت الذي لا يخجل ولا يتورع فيه إعلامه المضلل من التصفيق والإشادة بحكمة ومنجزات ومظهر الفرعون حتى لو خرج إلى الناس ضُحىَ عارياً كما ولدته أمه.

 


على نظام السيسي أن يدرك أن العصر اليوم غير الذي كان عليه الحال بالأمس .. حرية المعلومة وسهولة الوصول إليها وتنامي الوعي الشعبي العام . والقدرات الإعلامية التي توفرت لأدباء الظل وفلاسفة الراكوبة والمصطبة والمشائين في الشارع ؛ لفرض أراؤهم وقناعاتهم ونشرها وبثها بكل سهولة وحرية عبر وسائل الإنترنت من مواقع وتواصل ألكتروني .. كل هذه وبعضها وغيرها تفرض على جميع الأنظمة السياسية الحاكمة وأجهزتها الإعلامية المناصرة أن تتوخى العقل والدقة والشفافية ... تحترم الغادي والرائح وعامة الرعيّة ... وتدرك من اليوم فصاعداً أن أبواق السلطان الدعائية قد كسد سوقها ... وأن المنابر الإعلامية المؤثرة لم تعد حكراً عليها وحدها كما كان عليه الحال في الماضي. 

   صورة أرشيفية للقتيلة شيماء الصباغ مع وحيدها

جثمانها