السبت، 30 نوفمبر 2013

صداقة نادرة بين كلب و أوزة

صداقة نادرة بين كلب و أوزة

مصعب المشرّف:
 

 
الصداقة بين الحيوانات على الرغم من إختلاف الفصيلة بدأت تتكرر كثيراً . وهذه حالة لصداقة نشأت بين كلب ألماني من فصيلة الراعي وأوزة .... واضح أنها علامة من علامات الساعة الصغرى .. ويبدو أنه لن يمضي زمن طويل حتى نسمع ونشاهد الذئب يرعى مع الغنم.
 





 

 
 

 

الجمعة، 29 نوفمبر 2013

وجه الشبه بين مارادونا والممثل محمود الجندي

وجه الشبه بين مارادونا والممثل محمود الجندي
 

مارادونا يؤدي رقصة شعبية مع إماراتيين




 
اللاعب الأرجنتيني الأسطورة مارادونا إرتدى الزي العـربي (العراقي الأصل ) في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجاملة منه لأهل هذه الدولة الطيبين بمناسبة إحتفالهم بالعيد رقم 42 لذكرى الإتحاد . وقد بدأ وجه مارادونا بهذا الزي العربي شديد الشبه بوجه الممثل المصري المعروف محمود الجندي ....وحقا يخلق من الشبه أربعين من مصر إلى الأرجنتين.
 
قارن بين مارادونا ومحمود الجندي
 
مارادونا بالزي العربي
 
 
محمود الجندي
 
 مــارادونا


 
مــحمود الجــندي

صور أفعى مبتلعة لإنسان


 صور أفعى مبتلعة لإنسان

إنتشرت خلال اليومين الماضيين في المواقع الألكترونية صور لأفعى من فصيلة الأصلة ؛ طولها 20 قدم (6 أمتر) وقد بدت مبتلعة لما يظن أنه جسد بني آدم ... والمشكلة أن لا أحد يعرف أين ألتقطت هذه الصورة . في حين يرجح أنها إما في آسيا أو أفريقيا أو الولايات المتحدة حيث تكثر مثل هذه الفصائل من الأفاعي التي يبلغ عددها 20 فصيلة متنوعة ؛ يجمع بينها أنها تلتف حول فريستها وتظل تعصرها بقوة حتى تكسر عظامها ثم تبتلعها على مهل .. وتظل تهضمها مدة أسبوع كامل .
وكانت أكثر حالات إبتلاع مثل هذه الأفعى لكائن بشري . هي تلك التي تم إكتشافها في ضواحي مدينة ديربان بدولة جنوب أفريقيا حين إبتلعت صبي عمره 8 سنوات.
 

 
 

 

الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

مهرجان بورتسودان للجَـرَبْ والدَرَنْ


مهرجان بورتسودان للجَـرَبْ والدَرَنْ  

 مصعب المشـرّف:


الوصول للعالمية ..... يافطات كاذبة في الخــلاء المهجور .. وغطس في الرمال

بعضنا ؛ وعندما لا يجد أحد يضحك عليه فإنه يواصل الضحك على نفسه ... وهذا ما بدت عليه حكومة ولاية البحر الأحمر في محاولتها البائسة إعطاء الإنطباع الكاذب بأن كل الأمور تسير على أفضل وجه في هذه الولاية التي تعاني الأمرين من سوء الخدمات والفقر والخلافات السياسية . والتوترات ما بين تذمر هذه القبيلة وتلك من التهميش وعدم توافر الخدمات الضرورية . والذي يهدد بتفكك النسيج الإجتماعي وتحولها إلى دارفور أخرى.
قلق وتوتر وعدم رضا .... بداية الدرفرة

وبدلا من محاولات الكنس تحت السجادة ؛ فإنه ينبغي أن يتم تدارك الأمر ، ويجري التعامل بواقعية وعقلانية مع مشاكل هذه الولاية المزمنة . وتوفير ما يمكن توفيره لأجل مصلحة وإنصاف إنسان الولاية ؛ بدلاً من تشتيت الإمكانيات المتاحة فيما لا طائل من ورائه وركوب حمار النوم ....

من ضمن  وعود الرئيس عمر البشير في خطابه بمناسبة إفتتاح مهرجان (التسوق والسياحة) المشار إليه . فوجئنا بقوله أنه يريد أن يصبح مهرجان بورتسودان للتسوق والسياحة مثيلاً لمهرجان دبي .. لا بل وأن تتفوق بورتسودان على دبي وهونغ كونع في هذا المجال . وأن يأتي العالم كله إلينا في بورتسودان ..... ولا أدري من أين جاءت هذه الفكرة على لسان الرئيس عمر البشير .. هل هي من وحي قناعته  الذاتية ؛ أم أنها من إيحاء والي ولاية البحر الأحمر؟؟؟

على أية حال ؛ يقولون أن أعذب الشعر أكذبه . وعلى هذا النسق يكون كذلك كلام وتصريحات ووعود الساسة من فوق المنابر الخطابية بهدف إلهاب مشاعر الجماهير لا غير ؛ لاسيما وأنه ليس على الكلام جمرك في ميناء بورتسودان.


الوصول للعالمية أم الوصول لشربة ماء؟

 ولا أدري ما هي الحكمة من محاولة حكومة هذه الولاية الكوميدية لمحاكاة إمارة دبي بإقامة مهرجان تسوق وسياحة في مدينة بورتسودان التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية في كل شيء ؛ خاصة في مجال توفير مياه الشرب والكهرباء ، والعديد من البنيات الأساسية الأخرى إلى جانب الخدمات الصحية . وحيث لايمكن أن تقطع رئاسة هذه الولاية الطريق على كل هذه المشاكل  الحيوية بإقامة مهرجان (ساذج) للسياحة والتسوق بلا  مقومات حقيقية ... وحيث من المحال أن يصنع هؤلاء من الفسيخ شربات.

الذي يفهمه الناس ويلمسونه من أغراض مهرجانات دبي للتسوق والسياحة ؛ هو تقاطر الملايين من مختلف بقاع العالم للمشاركة بالشراء . وصرف مدخراتهم من العملات الصعبة ، وضخها في شرايين إقتصاد هذه الأمارة التي تتمتع أصلا بالرفاهية الذاتية من مداخيلها البترولية ، وأسلوب إدارة شفاف يجري تطويره بإستمرار منذ عام 1902م على أحدث الأنظمة العالمية التي تفترضها علوم الإقتصاد لجهة الأسواق الحرة.


في بورتسودان تضحك رئاسة الولاية على نفسها حين تقيم مهرجان تسوق وسياحة على الأنقاض والركام والسخام ورائحة الأسماك النافقة وفضلات الغربان ... وتختصر المكان في شارع مسفلت طوله لا يزيد عن 2 كيلومتر وملعب كرة قدم عتيق البناء ؛ يلزم لإنارته ضرورة قطع التيار الكهربائي (المحدود أصلاً) عن كافة أنحاء ولاية البحر الأحمر مؤقتاً وإلى حين إنتهاء الحفل الغنائي....
وحتى تكتمل عناصر الضحكة على الذات ؛ يأتي بعض المسئولين في ولاية البحر الأحمر ببعض المهندسين والموظفين الصينيين والأجانب المبتعثين من شركاتهم الأم للعمل في مجال تصدير البترول الجنوبي وتعدين الذهب وغيرهم المتواجدين بمدينة بورتسودان ... يأتي بهم بعض المسئولين في حكومة ولاية البحر الأحمر وهم يجرونهم من أنوفهم ، ويجلسونهم في المقاعد الأمامية ، ويعطون تعليمات حاسمة للمصورين بالتركيز عليهم حتى يقال أن المهرجان قد نجح وإستقطب شعوب العالم .. وأنه قد وصل إلى العالمية ... ويا بلاش.
في إمارة دبي تزدحم الأسواق والمحلات بمختلف أنواع البضائع من كل أنحاء المعمورة .... وهناك أكثر من عشرات المولات المتعددة الطوابق .. ومدينة مفتوحة الأفق بكل  ما تعنيه هذه الكلمة من معنى... ومطارات وشركات طيران محلية وعالمية وإقليمية تغطي طائراتها الحديثة الفخمة السماوات وتئن بها الأرض ... كل هذا مقارنة بشركة طيران سودان إيرويز التي لا تمتلك سوى حطام  طائرات أثرية مكسورة الجناح لا تتوفر لها إسبيرات بسبب المقاطعة الأمريكية ، وقد باع أحد القائمين عليها في يوم من الأيام حق هبوطها وإقلاعها في مطار هيثرو. ومضى إلى حال سبيله دون حساب يتبختر بكامل عفونته دون أن يطرف له جفن تحت سمع وبصر وحاسة شم الحكومة.

في مدينة بورتسودان تعرض البضائع الموجودة أصلا في دكاكين أحياء وأسواق المدينة ..... تعرض على الرواكيب الخشبية والطبالي والفرشات الأرضية وقد ملأها التراب والعجاج وتحيط بها رياح الجرب والدرن (السل) ... وكلاهما من الأمراض المعدية الشديدة الخطورة.

والناس في بورتسودان يحلمون بالكهرباء .. فقط يحلمون .. لكنهم ولكون الماء من أساسيات البقاء على قيد الحياة ؛ فإنهم يشربون معظمه من التانكرات الصدئة ؛ والجرادل والصفائح المهترئة التي يحملها البشر وكذا البراميل التي تجرها الحمير .. وللماء في بورتسودان خاصة وولاية البحر الأحمر عامة أكثر من رائحة وأكثر من طعم .. ويتخذ عدة ألوان ما بين أصفر وأخضر وأحمر ورمادي ؛  في تحد واضح لنظرية أن الماء سائل لا لون له ولا طعم ولا رائحة.

وفي بورتسودان عندما يأتي التانـكـر للأحياء السكنية بالماء تتوقف الحياة في المنازل فتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها ،.... وتترك كل عائسة وفاركة دوكتها وقرقريبتها ومفراكتها ؛ وتخلو صفوف مدارس الأساس من تلاميذها وتلميذاتها ؛ الذين يقفزون صحبة المدرسين والغفير والناظر من الشبابيك ؛ حيث يتقاطرون متزاحمون حول التانـكـر حاملين الجرادل والصفائح والجالونات وشتى ما يتوفر لديهم من أواني ومواعين.

التعليم في ولاية البحر الأحمر .. وصلنا للعالمية

في ولاية البحر الأحمر عامة وبورتسودان خاصة ؛ ينتشر مرض الدرن والجرب بنسب كبيرة خطرة ... وحين نعلم أن ما نسبتهم 85% من أهل ولاية البحر الأحمر يعيشون في مدينة بورتسودان وحدها .. فلعلنا ندرك حجم المشكلة وحدّ الفقر في هذه الولاية الذي ترفض حكومتها الإعتراف به وبالتالي معالجته . وتختار بدلاً من ذلك ذر الرماد فوق العيون ومحاولة تلتيق ما تصفه هي بمهرجان للسياحة والتسوق .. مهرجان واهم لايأتي إليهم فيه أحد من ولايات السودان الأخرى ناهيك عن الخارج ...... 

من يأتي إلى ولاية موبوءة بأمراض معدية أقلها الجرب والدرن ؟؟ .. كيف يحلم مخطط ومسئول بمثل هذا ؟؟ ... حقاً وصدق القائل "العـقـل زينـــة".



 تتحدث مقولات الدعاية لمهرجان البحر الأحمر للسياحة والتسوق عن أن بعض أغراض هذا المهرجان هو إبراز منجزات هذه الولاية ... فعن أي منجزات يتحدث هؤلاء وعلى من يكذبون ويستعبطون ؟

 آثار أم خرابات ؟
ثم كيف تحلم رئاسة ولاية البحر الأحمر بتحويل بورتسودان إلى مدينة عالمية تماثل دبي وهونغ كونغ وشنغهاي ؛ وهي لا تمتلك حتى مقومات القرن السادس عشر في مجال التعامل التجاري والإقتصادي والتقنيات والكفاءات والخبرات اللازمة والشفافية التي يتطلبها مثل هكذا منشط من بنوك عالمية وشركات متعددة الجنسية وبنى تحتية .... ناهيك عن واقع الحصار الإقتصادي العالمي والمقاطعة وبإعتراف الدولة نفسها بأن السودان يتعرض لحصار إقتصادي شامل يجعله لا يتكمن من الإستيراد أو التصدير إلا عبر مافيات ووسطاء مغامرون في تركيا وماليزيا ، وغيرها من عواصم مالية ومواني تصدير عالمية . والسبب هو أن بنك السودان لايستطيع وضع أرصدة في بنوك عالمية مباشرة بإسم السودان حيث ستكون النتيجة هو تجميدها لأسباب تتعلق بمحاربة الإرهاب أو مصادرتها لمصلحة الدائنين.

لقد أصبحنا نلحظ الإستخدام الساذج وبشكل شائع ومجاني لمقولة (الوصول للعالمية) ... هكذا بكل العفوية والبلاهة والبساطة  .... كل هذا في الوقت الذي نظل فيه حتى تاريخه عاجزين عن الوصول إلى بعضنا البعض داخل السودان نفسه ..... ولكن يبدو أنها جانب من إنفصام الشخصية . ومحاولة يائسة لرفض الواقع المرير ؛ ولستر العورات وتجاوز الهزيمة على الأرض ؛ وعلى طريقة قول الشاعر في أنشودته الراويه لمعركة كرري التي إنتهت بإعادة إحتلال السودان: ( مـا لانَ  فرسان لـنـا ..... بــل فــرّ جـمـع الطـاغـيـة ) .
في الواجهة .... وما خفي كان أعظم
 أرجو أن يحاول المسئول السوداني الذي يتولى تصريف بعض  شئون البلاد في كل منحى وإدارة .. أرجو أن يكف عن التعامل الفوقي مع المشكلات الحقيقية .. وأن يضع هؤلاء أقدامهم على الأرض بدلا من التحليق في سماوات كاذبة لا تشبه ولا تحاكي الواقع الماثل... وحيث يكون الإعتراف بالقصور والفشل هو بداية المسير في طريق العلاج الفاعل والنجاح الباهر.

الجمعة، 22 نوفمبر 2013

حفـّار قـبـور برنامج مساء الجمعة


حفـّار قـبـور برنامج مساء الجمعة

مصعب المشرّف:



برنامج (مساء الجمعة) الإعلاني الذي تقدمه قناة النيل الأزرق يعتبر أبلد و "أعور" برنامج في حقل الدعاية والإعلان، والتي درجت بعض الفضائيات اللبنانية على تقديم أمثاله منذ زمان بتقنية إعلانية متطورة ومظاهر فنية ماكرة .. ولكننا نرى له طعماً مسيخاً إستثنائياً في قناة النيل الأزرق كونه يفتقر إلى السبك والموضوع واللمحات الفنية التي تتطلبها مثل هذه البرامج الإعلانية المدفوعة الأجر بالطبع.... وكذلك يفتقد البرنامج إلى الزبائن والرواد .

 برنامج مساء الجمعة الذي قدمته هذه القناة عصر الجمعة 22 نوفمبر 2013 جاء إستثنائيا في درجة البلاهة والجربندية والعوارة . وساده أسلوب "جاء يكحلها عماها" الذي درجت عليه هذه القناة في برامج الإعلانات المدفوعة الأجر أينما ذهبت وحيثما حلت داخل السودان أو خارجه وسط المغتربين ....

في البداية أخطأت مقدمة البرنامح في تعريف إسم ضيف الحلقة وأخطأت كذلك في نطق تخصصه العلمي (الجرافولوجي) Graphology .. وحين زادت اللجلجة واللغلغة والتأتأة والصكصكة حاولت الإستعانة بـ صديق .. وكان الصديق زميلها في تقديم البرنامج .. فأخطأ هو الآخر بعوارة .. وزاد على ذلك بأن الخطأ إنما نجم عن حداثة هذا العلم ؛ فكان ذلك بمثابة العذر الأقبح من الذنب . وحيث لايدري المسكين أن هذا العلم الخاص بتحليل الشخصية من خلال خط اليد منتشر على نطاق العالم منذ بدايات القرن التاسع عشر . ومستخدم كثيرا في مجال العلاج النفسي ، ولدى أجهزة المخابرات  والتجسس ، والتحقيقات الجنائية ... إلخ ..... ويطلق على المتخصص الممارس لهذا العلم مسمى جرافولوجيست.

ويعود الفضل للفرنسيين في وضع أصول وقواعد وتطبيقات هذا العلم في الحياة العامة ، وأول من وضع كتاباً متخصصاً في هذا العلم هو الطبيب الإيطالي كاميلو بالدو عام 1622م وكان باللغة اليونانية.

إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : لماذا لم يتم الإعداد مسبقاً لهذا البرنامج ؟ ولماذا لم يسعى المقدمان للتعرف على إختصاص الضيف ؟ ومن ثم تحصيل ما يمكن تحصيله من معلومات حتى لو بدرجة سطحية ناهيك عن الفشل في لفظ ونطق المسمى.

لكن يبدو بالفعل أن كل شيء لدينا ماشي بالبركة .. ولا يرغب أحد من إعلامي هذا الزمان في أن يتعب نفسه بالتثقيف والإطلاع.

الأدهى وأمر من بين كل هذا هو أحد المسرحيين المتعاونين مع البرنامج لم يحلو له سوى المجيء بحفار قبور إلى هذا المطعم لتسجيل لقاء معه بتناول الموت والجنائز والحفر والطوب والحوادث والدفن .. إلخ .... كل هذا داخل مطعم (سياحي) يفترض أن يأتي إليه الناس لقضاء وقت جميل وللترفيه وتغيير جو ورتابة الحياة داخل البيوت. ويتناسون فيه بعض همومهم ، وليس لأجل أن تحاصرهم رائحة الموت وسيرة الدفن بلا مبرر ولا مناسبة خاصة وأن عزرائيل إذا حضر فلن يستأذن أحد.... لكن يبدو أن هذا المسرحي أراد أن يكون (متفرداً) و (مبدعا)ً على طريقته الخاصة وفهمه المحدود لقواعد العملية الإبداعية ... ونحمد الله أنه نسى في غمرة كل هذا أن يوحي للفرقة الموسيقية (شخصين) بعزف بعض الألحان الجنائزية.

من جهة أخرى كان الخطأ الفني الفادح الذي وقع فيه البرنامج (ويقع فيه دائما) هو توثيقه لخلو المطعم من الرواد والزبائن .. وجاء ضيوف البرنامج الأربعة المدعوين بمثابة الزبائن الوحيدين في هذا المطعم الخالي ... ولم لا طالما كان حفار القبور أهم ضيف فيه ,,, والطريف أن الضيوف منعوا من تناول الطعام المرصوص أمامهم إلى حين الفراغ من البرنامج على ما يبدو ؛ والذي إمتد زمنه (التسجيلي) من بعد صلاة الجمعة إلى حين صلاة المغرب . وكان منظر الضيوف الجائعين مثيراً للشفقة وهم يبتلعون ريقهم ويتحسسون معدتهم الخالية . ولاشك أن الطعام قد وصل إلى درجة تجمد الدهون من البرودة على وقع نسائم النيل العليل في هذا المطعم الخالي على خلفية ما يمر به السودان حاليا من أزمة إقتصادية طاحنة ..

الطريف أن مقدم البرنامج وعد الضيوف بتسجيل حلقة ثانية لكنه إستدرك بتحذيرهم بضرورة أن يأتوا المرة القادمة وبطونهم مليانة ومتغديين.

الخميس، 21 نوفمبر 2013

الطفولة المشـرّدة



الطفولة المشـرّدة

مصعب المشرّف: 
 
نومة هنية .. ربما يحسده عليها بعض أبناء المليارديرات.
...... إذا إرتاح الضمير إرتاح البدن وذهب القلق والأرق .. وكان آخر التعب حلاوة لا تعادلها سوى حلاوة الإيمان . ..... وأولئك الذين يظنون أن الأبناء لا يعرفون من أين يحصل الآباء على مداخيلهم وأموالهم وما إذا كانت من مصدر حلال أو حرام ؛ فهم واهمون واهمون واهمون. ..... أبناؤكم هم أول من يعرف مصادر دخلكم أيها اللصوص المتأنقون. أو أيها الناس الشرفاء ........ 

عزيزي "الشماسي" المشرد .. سترك الله ورعاك ... حملت وختيت ونقلت .. جارت عليك الحكومة واستحقرتك ... وظلمك كثيرون من حولك وأكلوا حقك .. لكنك على أية حال عملت وكافحت بعرق جبينك ورزقك الله بالحلال فارتاح ضميرك ونمت يا ولدي هنيئاً غرير العين.

لانستطيع الرجم بالغيب .. ولكن هناك أكثر من حالة شيبيهة لمستقبل أمثالك.
ربما تصبح تاجراً ثرياً تتعدد صفقاتك وعمولاتك وإتصالاتك ، وسرقتك للمال العام ورشاويك ، وتخريبك للإقتصاد الوطني والمجتمع .... وربما تتحول إلى مجرم ورئيس عصابة .. وكلا الحالين متشابهان من حيث التخريب والضرر الذي يصيب المجتمع.
أو قد تصبح غداً مطرباً صداحاً يردد الناس أغنياتك مثل ما رددوا خلف كثيرين كانوا مثلك ... وربما تصبح حارس مرمى جسور يصفق لك الجمهور ... أو ربما تصبح مهاجماً هدافاً تهتف الجماهير بإسمك وتطاردك أندية كرة القدم لتسجيلك في صفوفها وتتقدم الصفوف حتى تصبح كابتن منتخب السودان وتصافح رئيس الجمهورية والنائب الأول والثاني والمساعد والوالي بيدك .. لكنك وفي جميع الأحوال مسكين ومشروع لمستقبل غير مضمون . وبالتالي تستحق أن يقف المجتمع إلى جانبك اليوم قبل الغد.

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

صور لمصاب بمرض عصبي ليفي نادر


صور لمصاب بمرض عصبي ليفي نادر

مصعب المشرّف:-

تظل معاناة إنسان  أو مجموعة من الأمراض أو الكوارث مصدراً أساسياً من المصادر والأسباب التي تدفع الإنسان عامة إلى حمد الله على النعمة التي هو فيها . بل وكما يقول المثل: (اللي يشوف مصائب الناس تهون عليه مصيبته) .. فما بلك بالبعض الذي لا يعاني من مصيبة.
 
فينيسو ريفا يحمل صورة والدته التي ورث منها المرض
 
 
فينيسو ريفا (53 سنة) إيطالي من فينيسيا يعاني من مرض وراثي إسمه باللغة الإنجليزية  neurofibromatosis ويترجم بالعربية إلى (داء عصبي ليفي) . وقد بلغت حالة هذا المريض من السوء أن هذه الزوائد العصبية الليفية تغطي من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه .
 
والدة فينيسو التي ورث عنها المرض

هذا المرض الذي يعاني منه فينيسو وراثي لكنه غير معدي. وقد ورثه هذا المريض من والدته التي توفيت قبل فترة . كما أن شقيقته (مورينا) ورثت نفس المرض من أمها ولكن بدرجة خفيفة.
 
بابا الفاتيكان يلمس المريض بيده ليؤكد أن المرض غير معدي.. لكن الإنفعال كان واضحا على وجه البابا الذي انتفخت بعض عروق وجهه
وفي الفترة الأخيرة إشتهر فينيسو ريفا بسبب أن بابا الفاتيكان صافحة في ميدان القديس بطرس وقبل رأسه . فأصبح محل إهتمام الصحف والمجلات الغربية والعالم المسيحي الذي يعتبر البابا  الرسولي (المعين بإنتخاب الكرادلة له) مصدراً للبركة ورضا (الرب) .



مع عمته ، كاترينا لوتو (68 ينة) في الوسط وشقيقته مورينا على يمين الصورة
 
صور أخرى
 
 مع عمته كاترينا لوتو
 

 

 

 
 

 

 

 
 

 
 
 

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

صور من احتفالات الشيعة بذكرى إستشهاد الحسين عليه السلام


صور من إحتفالات الشيعة بذكرى إستشهاد الحسين عليه السلام

 مصعب المشرّف:
 
إحتفل الشيعة حول العالم بمناسبة عاشوراء التي تتجدد مناسبتها سنويا في تاريخ العاشر من شهر محرم.

في مثل هذا اليوم إستشهد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب من زوجته السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جميع آل البيت السلام.

أستشهد الحسين عليه السلام خلال معركة غير متكافئة مع جنود الأمويين على عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان . وكان إستشهاده بتاريخ 10 محرم 61 هجرية . الموافق للعاشر من أكتوبر عام 680 ميلادية وعمره آنذاك 54 سنة ميلادية.
 
وكان الحسين عليه السلام مقيما ما بين المدينة المنورة ومكة المكرمة . ورفض مبايعة يزيد بن معاوية ، الذي أعلن عن ولايته إمارة المسلمين بعد وفاة والده معاوية بن أبي سفيان.

أرسل شيعة الإمام علي بن أبي طالب الرسل والكتب إلى الحسين عليه السلام يستعجلونه الحضور إلى الكوفة (بالعراق) حتى ينصروه . ويحاربون يزيد بن معاوية  حتى خلعه عن إمارة المسلمين التي جعلها الأمويين وراثية.

وبعد وصول الحسين عليه السلام إلى منطقة كربلاء (50 ميل جنوب بغداد) تخاذل عنه شيعته وكانوا 18,000 مقاتل . فإنسحبوا خلال الليل وتركوه وحده مع 72 من آل البيت وأصدق شيعته يواجهون جيش يزيد بن معاوية الذي كان يتكون من عدة آلاف.

البعض المؤرخون يرجعون سبب تخاذل شيعة الحسين وقتها إلى أن ولاة يزيد بن معاوية دفعوا كثيراً من الذهب والأموال إلى قادتهم وزعماء قبائلهم لأجل صرفهم عن أرض المعركة ؛ وهو ما كان.

وقد حاول بعض الصحابة إثناء الإمام الحسين عليه السلام عن الخروج من مكة المكرمة إلى الكوفة . وذكروه بأن أهل الكوفة سبق وأن دعوا والده علي بن أبي طالب كرم الله وجهه للقدوم إليهم لنصرته على معاوية . لكنهم خذلوه لاحقاً وتآمر بعضهم على إغتياله .

ومن أشهر المقالات التي حفظها التاريخ ؛ أن الحسين عليه السلام وهو في طريقه إلى الكوفة تصادف إلتقاؤه في الطريق مع الشاعر الفرذدق الذي كان قاصداً مكة المكرمة للحج . فسأله الحسين عليه السلام عن أحوال الناس في الكوفة فأجابه قائلاً:

- قلوبهم معك وسيوفهم مع يزيد.
 



وما بين أفغانستان وباكستان وإيران والعراق ولبنان يحتفل أتباع الطائفة الشيعية بذكرى إستشهاد الحسين عليه السلام . ويقوم الشباب بإحداث جراح سطحية في ظهزرهم وروؤسهم بإستخدام الخناجر والسلاسل والقطع الحديدية الحادة . ويكون يومي التاسع والعاشر من شهر محرم مناسبة لتوافد الملايين من أتباع هذه الطائفة إلى كربلاء في العراق.


في كابول - أفغانستان


بيشاور - باكستان 


أفغانستان


باكستان


باكستان


كربلاء - العراق


كربلاء - العراق


كــربـلاء - العراق


إيرانيين وعراقيين في مسجد كربلاء بإيران



 



 

الخميس، 14 نوفمبر 2013

صقور السفارة وجديان المغتربين في السعودية


صقور السفارة وجديان المغتربين في السعودية

 
مصعب المشرّف:



 الحديث عن الإغتراب والمفاهيم الرسمية والشعبية المحيطة به في الداخل والخارج يظل ذو شجون .. وحلقة برنامج المحطة الوسطى الذي قدمته الشروق مساء أمس الأربعاء 13 نوفمبر بدأ وكأنه هزة إرتدادية لزلزال حلقة مماثلة من برنامج "حتى تكتمل الصورة" الذي قدمته النيل الأزرق وكشف عن مهازل ومساخر بشعة تجري وتمارس في سفارة السودان بالمملكة العربية السوانية بوجه خاص. ثم وضبابية  وميوعة سلطات ومهام جهاز خدمة المغتربين بالخارج . وهو ما جعل منه جثة هامدة و جهاز صنمي بسماحة جمل الطين ... ولغرض ذر الرماد في العيون لاغير.

لفت نظري من هذه الحلقة بوجه خاص وفي مداخلة لمغترب بالسعودية حول ظروف المساجين لجرائم شتى وبعض المعتقلين السودانيين قيد الترحيل هناك وأعدادهم . أن مقدم الحلقة قاطع  صاحب المداخلة بالقول في إستسلام وقناعة تأصـلت في النفس:

-         ناس السفارة قالوا ما بيعرفوا العدد بالضبط .... ما بيعرفوا

يعني المسألة أصبحت عادية ؛ ولم يعد الإهمال يثير الدهشة والإستغراب والإستنكار حتى .... أو كأنّ جهاز الكمبيوتر الرشيد لم يدخل سفاراتنا بعد.
 
 
الخروقات في سفارة السودان بالمملكة العربية السعودية تعتبر الأخطر من نوعها لسبب أنها منوطة بتوفير خدمات قنصلية ، ورعاية لأعداد من المغتربين السودانيين تناهز ألـ  590 ألف شخص .. أو بما يعني أنهم أكثر من تعداد مواطني بعض الدول العربية ودول أخرى في العالم ... ولكنهم في نظر السفارة السودانية أقل قيمة من حبات الرمال ؛ على الرغم من أن النفس الآدمية الواحدة أعظم عند الله وأعز من الكعبة المشرفة التي تجاورها هذه السفارة وقنصلياتها.
ونظراً لطبيعة مكونات وشرائح المغتربين السودانيين في السعودية التي تتفاوت ما بين الغفير والراعي والعامل والموظف والمهني والمدير .. كل هذا جعل من هذه السفارة وقنصلياتها كما وصفها واحد من المغتربين السودانيين بها في مداخلته أثناء بث برنامج المحطة الوسطى .. وصفها بأنها ســوق بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.... وحيث تكثر وتتكاثر في الأسواق الشياطين.

وعلى وقع الظروف الداخلية التي مرت بها ليبيا مؤخراً .. ثم والإجراءات التي إتخذتها السعودية بشأن تنظيم العمالة الأجنبية لديها . فقد تكشفت مأسي وإنكشفت عورات وسوءات كثيرة كانت على لائحة التغاضي والمسكوت عنه فيما يتعلق بأداء السفارات السودانية في هذين البلدين خاصة والسفارات والقنصليات السودانية عامة.

للأسف الشديد لا أحد في حكومة الخرطوم يرغب في مناقشة جادة وعلاج جذري لواقع "سـوق" السفارة والقنصليات السودانية بالمملكة العربية السعودية بالإضافة إلى ليبيا ؛ بوصفهما الأكثر مقصداً ومطلباً للشريحة الكبرى من المغتربين السودانيين.
 
 
والشيء الذي يمكن قوله من آخر السطر؛ أن السفارة في السعودية وتوابعها من قنصليات تعمل ما ترغب به بـ "عين قوية" و دمٍ بارد ؛ لسبب بسيط هو أنها تكتفي ببذل قصارى جهدها لخدمة طالبي العمرة والحجيج من كبار المسئولين وعائلاتهم في السلطة ومنذ تاريخ إستقلال السودان . وليس كما يعتقد البعض أنها ظاهرة مستجدة .. ولكن كل ما في الأمر أن هؤلاء السئولين وأفراد أسرهم وعائلاتهم إزدادوا ، ووصلت أعدادهم إلى أرقام فلكية خلال الفترة ما بين حكومتي أزهري (المبسطة) في الديمقراطية الأولى ؛ وبين حكومة المؤتمر الوطني (الموسـعة) وإمتداداتها المركزية والولائية المترهلة الجارية.

وربما يحتاج تاريخ وأداء السفارات السودانية منذ عهد الإستقلال وحتى تاريخه وما جرى خلال كل هذه الفترة من تغيرات وطرائف وأولويات مصاحبة .. ربما يحتاج إلى بحث متكامل يتطرق إلى واقع والطبيعة (الهزلية) لعمل ومهام السفارات السودانية الأكثر إلحاحاً في كل من القاهرة ولندن وماليزيا والسعودية ودبي خلال الفترة ما بين الإستقلال وحتى تاريخه ... وكيف تحولت من أداء مهام دبلوماسية إلى مجرد أسواق ومكاتب مشتريات ومبيعات ، وشحن وتخليص جمركي وتوظيف خاصة بكبار المسئولين في الدولة... وحيث لا يغيب عن الذاكرة مدى الدور الذي لعبه توب المرأة السودانية في تحديد مهام كل من سفارات السودان في إيطاليا وسويسرا على عهد مايو مثلاً ...
 
 
ربما كان الأمر قديماً يأخذ جانب المساعدة والمرافقة العابرة في جانب إنتقاء طبيب حاذق والتوسط لمقعد في كلية الطب بجامعة ما ... ولكنه تمدد وتشعب لاحقاً ليتخذ أنماطاً غريبة مثل المساعدة في إنتقاء أفضل وأحدث موضات المشغولات الذهبية وإعطاء إستشارات فنية حول آخر النقشات والدقات .. وإنتقاء وشحن الأثاث والأناتيك .. وصولاً إلى خصوصيات الشيلة ومستلزمات العروس من قمصان النوم والملابس الداخلية والريحة اللينة والناشفة ؛ وغيرها من متطلبات الدخلة والرقيص وقطع الرحط والجرتق .. فأصبح هناك متخصصون منهم في مثل هذه الأمور لديهم مصادرهم وخبراتهم المتراكمة التي يحرصون على "تكريسها" و "تطويرها" بوصفها الطريق الأقصر للتقرب إلى كبار المسئولين ، وللحصول على الدعم والمساندة في مراكز إتخاذ القرار بالخرطوم . والأخذ بعين الإعتبار عند صدور كشوفات الترقيات وإستثناءات الإستبقاء فترات أطول بالخارج برواتب وإمتيازات إستثنائية.
 
 
ولأجل هذا وذاك فقدت هذه السفارات إهتمامها بالمواطن السوداني العادي فرادى وجماعات على إعتبار أنه يأتي (إن أتى أصلاً)  في ذيل القائمة . لا بل ويتطلب حصوله على الخدمة القنصلية تكبد رسوم وضرائب فادحة ؛ وتحقيق إستفزازي مهين . وإنتظار يخضع لإجراءات سلحفائية.
الطريف أن ذلك المغترب المتداخل الذي شكا من أنه ظل مغترباً في السعودية طوال عشرين سنة . ودفع حتى تاريخه أكثر من 25,000 دولار من ضرائب وزكاة ومساهمات .... كشف هذا المغترب أنه لم يحصل حتى اليوم على قطعة أرض من الحكومة السودانية ضمن خططها الإسكانية . كل هذا في الوقت الذي يحصل فيه المواطن السوداني في الداخل على أكثر من قطعة أرض سكنية دون أن يدفع الكثير من الرسوم مقابلها ، ودون أن يتحمل أعباء ضرائب ، ولمجرد أنه يمتلك واسطة .....

والمحزن أن جهاز رعاية المغتربين في الخرطوم يظل يتمسك دائماً في مثل هذه الحالات بأنه ليس معنياً ولا مختصاً بتوفير هذه الخدمة أو تلك .. وبما يجعل المغترب في نهاية المطاف مثل كرة الجلـد التي يتبادل اللاعبون في منافسات كاس الأمم الأوروبية ركلها وتمريرها بمهارة وإتقان بين أقدامهم .
 
كل هذا يعزز أن الفلسفة التي تتعامل بها السلطات السودانية المعنية من سفارات في الخارج ؛ وجهاز (رعاية شئون) المغتربين في الداخل إنما ينبني على قناعة أن المغترب ليس سوى بقرة حلوب ومواطن سائح في بلاده ... دمه وماله حلال .. وأنه خلق ليدفع دون أن يحصل على مقابل .. وأن أسهل طريقة للتعامل معه هو إبتزازه بكل ما يمكن وصفه من مسخرة وجبن وسفالة وندالة عبر إمساكه من يده التي توجعه ؛ والتي تتمثل في حرمانه من تجديد صلاحية جواز سفره وعدم منحه تأشيرة الخروج .. وتمطيط وزحلقة أجل الموافقات على طلباته ومعاملاته حتى الدقائق الأخيرة من تاريخ إنتهاء إجازته السنوية ، بحيث يضطر هذا المغترب إلى اليأس وإلغاء متابعة حقوقه ومطالبه ، والإسراع بالعودة إلى دولة الإغتراب لمواصلة عمله خوفا من فصله أو إنتهاء صلاحية تأشيرة عودته أو إقامته ......
 
هي إذن مافيا في السفارات والقنصليات بدول الإغتراب من جهة ؛ ومافيا أخرى في السودان تعملان في أموال وحقوق المغترب كما المطرقة والسندان.

حتى البعض (وإن كان قليلاً) من عامة المواطنين السودانيين فعلوا ويفعلون بالمغترب السوداني الأفاعيل لجهة سلب أمواله بالنصب والإحتيال والغش ؛ لاسيما مغتربي السعودية حيث يتوافد عليهم البعض خلال فترة الحج والعمرة لجمع التبرعات بزعم بناء مسجد وخلوة ومدرسة وشفخانة ودعم نادي لكرة القدم . ثم تختفي أموال التبرعات في جيوب هؤلاء (المبعوثين) وخزائن بعض المسئولين الذين يمدونهم بشهادات وأوراق مختومة مزورة تمنحهم تصاريح جمع التبرعات وأنها لغرض خيري وإنساني نبيل جداً.. ولا حول ولا قوة إلا بالله من هؤلاء الذين يسرقون بإسم الله ، ويأكلون أموال الناس بالباطل دون أن تطرف لهم عين.
 
 
والمغتربون من جانبهم لهم يد في تمكين الغير من إستغلالهم وإبتزازهم والنصب عليهم . ومعظمهم يظل غير مواكب للتطورات وللعديد من السلبيات التي طرأت على المجتمع السوداني وقناعاته ، وتفشي بعض الظواهر والممارسات الإجرامية في الداخل لسبب أو لآخـر خلال الفترة الماضية والجارية .. وأن الحذر والتدقيق في هذا الجانب يظل واجباً.
..............
أطرف ما يتداوله المغتربون ومن خلال تجربتهم ؛ أنهم يوصون بعضهم بأنه وحين الذهاب إلى جهاز المغتربين في الخرطوم ولأجل تخليص معاملاتهم وأوراقهم بسلاسة وسرعة سلاحف النينجـا الأسطورية ؛ فما عليهم سوى دخول الكنتين الملحق بمبنى الجهاز وإلقاء نظرة خاطفة على أطباق ومأكولات العاملين فيه خلال فسحة الفطور .. فإذا كان الموظف بالجهاز يضع أمامه صحن فول عادي ؛ فهذا يعني أنه موظف كحيان غير واصل ولن يخدمك .... أما إذا كان الموظف أنيق لامع الحذاء ويضع أمامه صحون الكبدة والكمونية واللحمة .. فهذا يعني أنه واصل وسيخدمك ويخلص لك معاملاتك في أقل من لمح البصر حالما تجلس أمامه أو إلى جواره وتدفع عنه حق الفطور أو تعده بـ "إكرامية" رطبة .... وحيث أصبحت الرشوة في بلدنا هذا وزماننا هذا ؛ وأعرافنا السائدة هذه  مجرد "هدية" و "إكرامية" .. ومن يحتج ويعترض على هذه القناعة (الحضارية) فعليه أن يلحس كوعه ويحمد الله على أن المسألة وقفت عند هذا الحد ، ولم تتطور إلى مرحلة إتهامه بالإساء والإعتداء باللفظ ووالإشارة والفعل على موظف حكومي أثناء تأديته لمهام عمله . ثم فتح بلاغ رسمي ضده ومحاكمته والزج به في غياهب السجن بعد جلده.
 
....................
في جلسة خلال مناسبة إجتماعية مّـا ؛ أخبرنا أحد السودانيين المغتربين في السعودية أنه ظل يعمل مساعداً ملازماً مع أحد رجال الأعمال السعوديين مدة خمسة عشرين سنة كاملة ولا يزال . أدخله خلالها الرجل بيته وإئتمنه على أمواله وعرضه . وأصبح كأنه واحد من أبنائه .....

قال لنا هذا المغترب أنه إلتحق بالعمل لدى هذا الرجل بعد إكماله المرحلة الثانوية بنجاح وعمره وقتها لا يتجاوز الثامنة عشر ... واكتسب طوال سنوات عمله الخمسة والعشرون خبرات في مجال الصرافة والمعاملات التجارية الحـرة ، والإدارة والمقاولات على أفضل وأحدث مستوى .. وتزوج خلال هذه السنوات الخمسة والعشرين من قريبته ، وجاء بها إلى السعودية لتقيم معه ثم كان لهم أبناء ترعرعوا ونشاؤا مع أسرة وأبناء رجل الأعمال السعودي هذا الذي كان في البداية مجرد تاجر عادي قبل أن ينجح في أعماله ويتحول إلى أصحاب المليارات .

وواصل المغترب السوداني قائلاً:

-    خلال السنوات الماضية نشطت الحكومة السودانية في جانب جذب الإستثمارات الخارجية إلى السودان . وأنشأت وزارة وأنفقت ملايين العملات الصعبة للتأسيس وللترويح لهذا المنشط .... ويبدو أن كفيله رجل الأعمال السعودي قد إرتآى أن يكافئه على إخلاصه وأمانته بأن يستثمر بعض ملياراته في السودان على أن يبدأ بفتح مكتبً له في الخرطوم لإدارة  أنشطته الإستثمارية وتعيينه مديراً لهذا المكتب براتب خرافي يصل إلى ثلاثة أضعاف راتبه في السعودية.

ثم يصف أخونا المغترب هذا ما جرى لاحقاً عند مرافقته رجل الإعمال السعودي إلى (سـوق) القنصلية السودانية بمدينة جدة . وكيف أن السماسرة والصقور من موظفي القنصلية بدأوا في التحليق والشمشمة حول رجل الأعمال السعودي الذي كانت آثار النعمة والمليارات بادية على هيئته وتصرفاته .. وهي سمات بات يعرفها صقور وسماسرة السفارة بحكم خبرتهم الطويلة سواء في التعامل مع الكتاكيت المغتربين أو أصناف وفصيلة ضيوف السفارة أو القنصلية السعوديين .

وعلى طريقة الشبيحة السوريين وبلطجية روض الفرج المصريين ؛ اختطف هؤلاء الصقور رجل الأعمال السعودي في أقل من لمح البصر ، ودخلوا به عبر الأبواب المغلقة قبل أن يتمكن صاحبنا السوداني من ملاحظة ذلك ، وقبل أن يتمكن الملياردير السعودي من فتح فمه وسحب مكفوله السوداني في يده لمرافقته إلى الداخل .....

توارى به السماسرة وشبيحة سوق السفارة في أحد قاعات الإستقبال الفاخرة . وجاءوا له بالبارد والشاي والكيك والتمور البركاوي والقونديلة ، وطفقوا يتمسحون بعباءته الغالية ، وأقبلوا عليه وأعينهم تفيض من الدمع ؛ يستفسرون منه عن الغرض من الزيارة والخدمة التي أتى من أجلها . ويطمئنونه بأنها مجابة سلفاً حتى لو كانت بندرة لبن الطير أو في بلاد الواق واق.

إلتقط الملياردير السعودي بعض أنفاسه ثم نظر حوله يبحث عن "إبنه" السوداني الذي ظل يعمل لديه مدة عشرين سنة فلم يجده وسط الوجوه الغريبة وأصحاب الإيتسامات الصفراء من حوله . فسأل عنه فقالوا أنهم لا يعرفونه . وطمأنوه بأنه حتما سيكون في "الحوش" أو أمام الباب الخارجي ، وربما لم يسمح له الأمن بالدخول لأنهم لا يعرفونه .. وسارعوا بالقول أن عليه أن لا يقلق بشأنه طالما أنه سوداني . فهو حتماً بخير داخل أسوار القنصلية أو أمام أبوابها المغلقة . وأنه في كل الأحوال يظل واقفاً بين أخوانه ومواطنيه ، وأن الظفر لا يخرج من اللحم ولا يخاف على السوداني في بيته ؛ وعلى إعتبار أن السفارة والقنصلية إنما هي (بيت) السودانيين جميعاً وبدون فرز.

صمت محدثنا لفترة كأنه يستجمع شتات أحزانه وقنوطه ثم قال لنا:

-    بعد فترة ليست بالقصيرة خرج كفيلي رجل الأعمال السعودي من الداخل وهو متجهم الوجه وعلى غير الملامح التي دخل بها ... لم يتحدث معي كلمة وإنما أشار إلي أن أتبعه . ثم دخلنا السيارة وأمر السائق أن يتحرك سريعاً من المكان . كأنه يحاول التخلص من هواء سام ورائحة نتنة تعبق أجوائه. وظل صامتاً طوال أيام دون أن أجرؤ على مفاتحته في الأمر إحتراماً لصمته.

ثم كانت المفاجأة عندما إختتم صاحبنا حديثه بقوله:

-    صارحني كفيلي السعودي بعد فترة أنه قد صرف نظر عن زيارة "العاصمة المثلثة" وتفعيل خططه بشأن الإستثمار في السودان ... السودان الذي عشقه من لساني وكان يراه من خلال عيوني .....  وعلل ذلك بأن مقابلته مع البعض في القنصلية لم تكن مريحة . وأنه إشتم من أقوالهم رائحة فساد لم يعهدها من قبل . وأنه حين صرح لهم بأن لديه شخص سوداني يرغب في إرساله للخرطوم وإدارة مكتبه هناك إذا بهم ودون سابق معرفة بهذا السوداني (الذي هو محدثنا) يخوفونه بأنه ربما يكون حرامي وفاسد وغير جدير بالثقة . ثم كيف يرضى بتعيين خريج ثانوي مديراً لمكتبه في الخرطوم وفي السودان حملة دكتوراة وأساتذة جامعات سيكونون رهن إشارته وطوع بنانه هذا غير الخريجين من أولاد الوزراء والوكلاء وحكام الولايات والسفراء . وأن عليه فوق ذلك أن يعتمد عليهم وحدهم بوصفهم يمثلون الحكومة ومحل ثقتها في عملية ترشيح من يرونه "القوي الأمين" لإدارة مصالحه في السودان . وأن لا يكشف أوراقه لغيرهم ؛ وأن لديهم أراضي ومشاريع و "سكرتارية" مرافقة جاهزة وإتصالات مباشرة . ويمتلكون مفاتيح ذهبية وشراكات نافذة نائمة بالعمولة في الخرطوم .. وأنهم سيعرفونه لاحقاً إلى سعادة السفير . ومن خلال إتصالاتهم سيحددون له موعداً لمقابلة رئيس الجمهورية بجلالة قدره في القصر الجمهوري ويبث اللقاء عبر شاشات التلفزيون ..... وأنّ.. وأنّ .. وأن .... بما أعطى لرجل الأعمال هذا الإنطباع المبدئي بأن الإستثمار في السودان إنما تكتنفه الكثير من المخاطر والتعقيدات ومراكز القوى والنفوذ ، والتدخلات في صميم رغبات وقناعات المستثمر الشخصية ، بالإضافة إلى عدم الشفافية. ويستلزم من البداية وبدون نهاية تكبد أعباء ومشاق رحلة من الفساد والرشاوي والعمولات أين ما سار وحيثما حل ....

وكان آخر ما قاله محدثنا :

-    كل هذا كان ساهلاً . ولكن المصيبة أن هذه الإنطباعات التي ترسخت في عقلية كفيلي الملياردير قد إنتقلت منه إلى الكثير من أصدقائه ومعارفه وشركائه من رجال الأعمال .. ولا أشك في أن كل واحد من هؤلاء قد تأثر سلباً بهذه الإنطباعات التي تكونت في عقلية رجل أعمال ناجح ، ولا أشك في أن كل واحد من هؤلاء قد نقلها بدوره مباشرة أو من خلال الونسة العابرة إلى آخرين سواء في جانب رجال الأعمال أو المسئولين الرسميين .