الخميس، 16 يونيو 2016

صور نادرة للقاهرة بداية القرن العشرين (الجزء الأول)

صور نادرة للقاهرة بداية القرن العشرين

(الجزء الأول)

مصعب المشرّف
16/6/2016م

 تم الكشف في لندن مؤخرا عن صور فوتوغرافية نادرة بالأبيض والأسود لمدينة القاهرة خلال الفترة ما بين عامي 1900م و 1936م . وحيث تقول المادة التوثيقية المصاحبة لهذه الصور أن القاهرة قد بدأت تشهد نموها السكاني المضطرد وتمددها العمراني المتسع منذ عام 1900م

أهرامات الجيزة – عام 1936م
  
عام 1943م – رجل وصبي في أحد شوارع القاهرة الجديدة آنذاك ؛ يقودان حمار وجملين محملين بجرار المياه وبعض الصناديق الخشبية .
  
عام 1934 – مراكب نقل محملة بالبضائع راسية على أحد الموانيء النهرية قرب القاهرة

عام 1934م  - شارع مزدحم بالناس في حي سكني وتجاري القاهرة القديمة.


عام 1900 – مسجد إبن طولون في القاهرة.
  
عام 1900 – مجموعة من مراكب النقل النيلية (الفلوكة). وكان الرومان يستخدمونها في المعارك البحرية على شواطيء الإسكندرية لما تتمتع به من سرعة الحركة ونقل الكوماندوز إلى سفن الأعداء الكبيرة بغرض تخريبها تحت جنح الظلام.
  
عام 1936م – مزارع يقف حائرا أمام مياء نهر النيل خلال فيضان عام 1936م الأشهر في التاريخ الحديث لهذا النهر . وقد فصلت مياه الفيضان بينه وبين مزرعته أو ربما أغرقتها... وتظهر في الخلفية أهرامات الجيزة.
  
عام 1900م – حــاوي يبهر الجمهور حوله بسيطرته على ثعبان.

عام 1943م – مسلة فرعونية وسط الأحراش .

عام 1900م –  مبنى محطة مصر (باب الحديد) للقطارات .


الأربعاء، 15 يونيو 2016

شهادة الترابي على العصر حلقة (8)

شهادة الترابي على العصر

حلقة (8)

مصعب المشرّف
14 يونيو 2016م

في الحلقة الثامنة من شهادة الترابي على العصر التي سجلتها له قناة الجزيرة في أكتوبر 2010م . وشرعت في بث حلقاتها بعد وفاته في مارس 2016م .....
في هذه الحلقة الثامنة أدلى الترابي بإنطباعات ؛ وأجاب على أسئلة وجهها له محاوره  أحمد منصور ، كان أهمها ما يلي:
1)   زيارات الترابي لعديد من الدول والأقليات المسلمة.
2)   مقابلة الترابي لشيخ الجامع الأزهر.
3)   وصفه للمواطنة السودانية بالإجتماعيات.
4)   إنتفاضة أبريل 1985م.
ومن ثم فبالإمكان تفنيد ومناقشة وجهات نظره هذه على النحو أدناه:


1)   زيارات الترابي لعديد من الدول والأقليات المسلمة .
قال الترابي أنه قد شرع في القيام بزيارات وجولات عالمية ، شملت نصف الكرة الأرضية في سبيل لم الشمل الإسلامي في الشرق والغرب . من الصين فأفغانستان والباكستان إلى الى الجزائر .... وذهب شمالا حتى الشيشان في روسيا ثم الولايات المتحدة وكندا ......
ولكن الذي لم يسأله عنه محاوره ؛ ولم يتمكن الترابي من تفسيره ؛ هو من أين حصل حسن الترابي على الأموال ، التي مكنته من الوفاء بنفقات هذه الزيارات الباهظة في معية وفود يلزمها تذاكر سفر وإقامة ومأكل ومشرب وملبس ... وهو الذي زعم في حلقات سابقة أنه إنما كان يعتمد في تسيير برامج وأنشطة وتوسيع عضوية الحزب .. كان يعتمد على إشتراكات الأعضاء وتبرعات بعض التجار ......
ربما يكون مثل هذا التبرير قد وجد قبولاً لدى البعض من غير السودانيين في الخارج .. ولكنه قطعاً لن يجد أذناً صاغية لدينا نحن الذين ندرك إلى أي مدى (محدود) يمكن أن تسهم به إشتراكات الأعضاء وتبرعات تجار في تمويل تكاليف أسفار الترابي ؛ ومن هم في معيته التي غطت نصف الكرة الأرضية؟

بمعنى آخر . فإن حسن الترابي إنما يثير إستفهاما يتعارض مع نصوص الدستور ؛ والذي يمنع اللجوء إلى دول أو جهات أجنبية للحصول على تمويل لأحزاب وتنظيمات ..... ويؤكد لنا هنا أنه إنما كان يعتمد في تمويل خطط وأمانات أنشطة وبرامج الحزب على تمويل خارجي على رأسه تنظيم الأصولية العالمية ؛ ولا نستبعد ألـ CIA.

وعليه فإن أي إتهامات ساقها الترابي أو قد يسوقها بعض تلاميذه عن إعتماد هذه الطائفة أو ذاك الجزب وتلك الجماعة على تمويل حارجي من هذه الدولة والمنظمة .. لن تكون هذه الإتهامات ذات جدوى من واقع قول الشاعر : لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم ...... وهو المعيار الذي ينبغي على الأحزاب والجماعات الدينية خاصة أن تلتزم به وتدرك أنها محاسبة على موازينه.

نعم أفلح الترابي من هذه الزيارات التي قام بها على جني كافة فوائد الأسفار الخمسة .. وأضاف إليها أنه أصبح يتمتع بشهرة عالمية تخطت حدود بلاده . فلبت بذلك طموحاته إلذاتية إلى الشهرة التي جرى الإشارة إلى نزعته لتحقيقها خلال الحلقات السابقة من هذه السلسلة. 

وكذلك أتاح هذا التمويل السخي (بمقاييس دولة أفريقية) في تمكين الترابي من القيام بجولات عديدة داخل السودان لتنشيط العضوية والتجنيد لحزبه وعرض أفكاره . ساهمت دون شك في جذب الإنتباه الشعبي إليه على نحو ثبت فيما بعد أنه كان آنيـا ، ويندرج فقط تحت بند ردود الأفعال والإنبهار الوقتي بقيادي حزبي يتحدث للناس في ندوات عامة بمنطق الإسلام ويعدهم بالخلافة الراشدة بعد أن يؤدي الصلاة وسطهم بأداء الساسـة المسرحي.  

مشكلة جميع الأحزاب السياسية التي تدعي أنها إسلامية وترفع شعارات بهذا المعنى. وترتدي "أزياء" وترسم وجهها بقسمات ومظاهر إسلامية من لحى وشوارب وزبيب صلاة .. إلخ .. مشكلتها أنها سرعان ما تصطدم بعائق  شفاعة الأقوال بالأفعال .. وذلك أن الناس إنما تحاسبهم بأقوالهم وأفعالهم في آن واحد ..... فيجدونهم على الدوام يقولون ما لا يفعلون.

ولاشك أن الشعب السوداني قاطبة قد إندهش وهو يرقبهم يرفلون في النعيم وحلل الرفاهية ، ويتدافعون بالمناكب وراء ملذات الدنيا الفارغة ... وهو الذي كان يظن قبل عقود أنهم إذا وصلوا إلى كراسي الحكم فسيفشون العدل والزهد ...... ويرتضون المسكن والمطعم الحلال ... ويأكـلون عـيش ويلبسون خـيش.
 
2) زيارة الترابي للجامع الأزهر:
أخطر ما قاله الترابي ؛ أنه وبعد زيارته للقاهرة والحوار الذي دار بينه وبين شيخ الجامع الأزهر وقتها .... قال الترابي أنه لو لم يكن مسلماً ؛ وكان على أية ديانة أخرى غير الإسلام والمسيحية ؛ لكان قــد  تمنـى  الإلتقاء ببابا الفاتيكان عوضا عن لقاء شيخ الأزهر.

وحاول الترابي تغذية الإنطباع بأن الهالة التي يتمتع بها الأزهر أكبر من مساهماته وحجمه الحقيقي..... وأن هذا الصرح يبدو أجمل من الخارج عنه من الداخل.

والأطرف من كل هذا وذاك أن الترابي قد نسي إسم شيخ الجامع الأزهر الذي إلتقى به رغم إنطباعه السلبي هذا.

عموماً فإن الأزهر لا يجد قبولا وإرتياحا لدى الأصولية العالمية وكافة الأحزاب والجماعات الإسلامية على حد سواء .. فهؤلاء يرغبون في السيطرة على الجامع الأزهر لتحويله إلى منصة سياسية ، وتحريف الشرع وتوليف الفتاوي بدون سند شرعي أو دليل على الطريقة اليهودية التي تخدم النزعات البشرية السلبية ، ولا تلتفت إلى مكارم الأخلاق ....... في حين أن علماء الدين في الأزهر لهم وجهات نظر وقناعات راسخة تتمسك بتكريس وحصر دور الأزهر كمؤسسة دينية علمية تعنى بالدراسات الإسلامية والفتاوي الشرعية المعتمدة على الدليل الموثق من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.

ونلاحظ هنا أن الترابي في طرحه لبرنامج وأهداف زيارته لمصر .. نلاحظ هذا الدأب الذي كان ولا يزال تتبعه أحزاب وجماعات الإسلام السياسي ؛ وهي التي تتوجه دائما إلى كراسي السلطة في الدول التي تنشط فيها أو تسعى إلى إقامة نوع من قنوات الحوار معها .... وربما كان الترابي قد أدرك أشياء وارتسمت في ذهنه وفؤاده إنطباعات وقناعات إيجابية أخرى غير تلك التي خرج بها من زيارته لمصر . والتي لم يهتم فيها سوى بمقابلة الرئيس حسني مبارك و شيخ الجامع الأزهر.

على سبيل المثال ؛ لم يتطرق الترابي إلى أية محاولات أو إهتمام من جانبه للجلوس إلى أحزاب المعارضة ، وممثلي النقابات ، وبعض رؤساء وأعضاء اللجان البرلمانية المصرية ، وبعض منظمات المجتمع المدني .. إلخ ... وهذا عين الخطأ وقمة سوء التقدير.

وأستغرب كيف غاب عن خلد الترابي أن الجامع الأزهر مؤسسة ديينية غير سياسية ... وأنها عادة ما تفرق بين التدين كمسلك و الدين كعلم.

وأستغرب كيف غاب عن ذهن الترابي أن النواة الصلبة للأزهر الشريف إنما تتشكل من هيئات ولجان نافذة لايمكن حتى لشيخ الأزهر تجاوزها أو تخطيها.

بمعنى آخر فإن منصب شيخ الجامع الأزهر إنما يتركز نشاطه اليومي على التنسيق والإدارة العامة والإشراف على تطبيق الخطط والبرامج التي ترفع إليه من اللجان والإدارات ......  و "تمثيل الأزهر" في المناسبات المختلفة سواء الوطنية أو الدينية أو المدنية... وإستقبال الوفود التي تأتي من شتى بقاع العالم لتسجيل زيارات تشريفية ؛ هي أقرب إلى البروتوكولية منها إلى الحوارات ... الحوارات التي لا يقبل بها الأزهر إلا  وفق جدول أعمال متفق عليه سلفا ، وتحتضنه مؤتمرات معدة خصيصا لهذا الغرض.

وربما كان ينبغي على الترابي ( قبل تكوين وتحديد الغرض من زيارته للأزهر الشريف للإلتقاء بشيخه ) أن يلجأ أولاً إلى أضابير وكتب التاريخ التي تحكي عن علاقة الجامع الأزهر ، وردود أفعاله كمؤسسة دينية مع السياسة والحكم .. وعلاقته بالحكام والسلاطين والغزاة بمن فيهم نابليون بونابرت.....

ولا أدري إلى متى تبقى الأحزاب والقوى السياسية السودانية على ذات النسق الذي سعى به الترابي إلى مصر ؟ ..... ولماذا لا تتجاوز هذه الأحزاب والتنظيمات والقيادات السياسية الحوار مع المصري الحكومي الرسمي وحده لتمتد إلى أحزاب المعارضة والتنظيمات السياسية والإجتماعية المصرية الأخرى؟

والطريف في هذا الجانب أن الطرق الصوفية في البلدين تمارس هذا الحوار العريض دون أن يلتفت إليه أحد في السودان أو مصر .....
والملاحظ أن السفارة المصرية في السودان تمارس هذا الحوار وتنشط على أشدها في الخرطوم والأقاليم . وتلتقي بالعديد من زعماء وممثلي الأحزاب السودانية  والطوائف والقبائل بطول البلاد وعرضها في وضح النهار ، وعلى عينك يا تاجر ......

ولكن في المقابل لا نسمع ولا نرى للسفارة السودانية في القاهرة نشاطاً في هذا الجانب   ...
وحبذا لو إنتهجت السفارة السودانية نهجاً مهنيا بإقامة وإنشاء ومد قنوات تواصل مع تجمعات من الشعب المصري في تلك المدن والأحياء التي تشهد تمازجا بين الشعبين في عابدين ، وعين شمس .... وفي الدلتا والصعيد ، وأسوان ... هذا بالطبع إذا كان الهدف خلق قنوات تواصل شعبي ، ورأي عام مصري متعاطف لمحاصرة التوجهات الحكومية المصرية التي تهزأ هي وإعلامها ومنتجاتها الثقافية والفنية بكل ما هو سوداني وتقلل من قيمته لغرض في نفس يعقوب . وتحرص على الفصل بين الشعبين ؛ لكونها ترغب دائما في إستلاب القرار السوداني الرسمي .   وإبتلاع أراضي شعبه في حلايب وشلاتين ؛ ووضع يدها على المياه العذبة وأسماكها في إمتداد بحيرة السد العالي داخل أراضي شريكها السوداني.
  
3)   وصفه للمواطنة السودانية بالإجتماعيات:
وصف الترابي الشعب السوداني بأنه يفتقد للرابط الوطني ....  وأن إحساسه القبلي يطغى عليه .. وأضاف أن الإحساس الوطني فيه إنما مرده إلى العلاقات الإجتماعية وحدها.....
هذه الرأي يجانبه الصواب . ويفتقد المراجعة التاريخية لمراحل سياسية عديدة مر بها السودان قبل وبعد دخول الإسلام إلى أرضه .... وحيث لا يعقل مثلا أن يغفل الترابي نشأة حضارات وممالك سودانية إتخذت لها عواصم سياسية معروفة في العالم القديم على رأسها حضارتي نبتة ومروي ... ثم وممالك أخرى شكلت البعد والإطار االقومي للسودان الحديث على رأسها سلطنة الفونج ثم الدولة المهدية.

ثم أن الإنسان السوداني . وإن كان يحتفي بقبيلته . فإن هذا الإحتفاء يظل مبرراً طالما لم يكن عنصرياً .... وقد أشار إليه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بما هو مثبت وواضح :
فقد قال عز وجل وجل في محكم تنزيله : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا . إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير). (13) الحجرات.
لاحظ هنا قوله عز وجل (يا أيها الناس) ولم يخصص بمسلمين أو مؤمنين.
وجاء في صحيح البخاري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ من إدعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام]
وغني عن الأمر هنا التوضيح بأن الأب يمتد إلى أعلى فأعلى .... وبمعنى آخر فإن القبيلة إنما تنشأ من صلب أب ومعظمها تتسمى بآبائها لا يغيرهم.

وجاء في سيرة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ أنه كان يوصي العرب بان يحفظوا أنسابهم عند تفويجه لهم خلال الفتوحات الإسلامية ...

ثم أن على الترابي وعلى كل من يقدح في إحتفاء السوداني بقبيلته وتمسكه بأصله .. على هؤلاء جميعا أن يدركوا أن إسم القبيلة يظل دائما بمثابة الوتد الذي يشد  إليه المواطن السوداني في رحيله وترحاله ومقامه سواء أداخل السودان أو خارجه .... وهو الإحساس والتوجه الفردي والجمعي الأغلب الأعم لدينا.

وأن الإنسان السوداني يصون إسم قبيلته من أن يلوثها بخلق وتصرفات سيئة  مع غيره خاصة في جانب الأمانة والعـفة .. وأن الناس عندنا حينما يمتدحون شخصا أو يعرضون عليه ثقتهم فإنهم عادة ما يقولون عنه (دا ولد قبائل) أو (دي بت قبائل) .... ولا يشير ذلك إلى عنصرية .... ولكن المعنى المراد بهذا التعبير والمصطلح أنهم يتعاملون مع إنسان يستدعي سمعة قبيلته فلا يشينها أو يجلب لها العـار....... وأن الإنتماء القبلي يظل في نهاية المطاف إلتـزام ومسئولية وليس عنصريةً.

والعيب ليس في ممارسة الإحتفاء بالقبيلة .. ولكن جاءت الكارثة والإنطباع السلبي أن بعضنا ربط القبيلة بإثنيات محددة وأحجم عن الإحتفاء بأخرى ..

واليوم  فمن حق كل سوداني أن يحتفي بقبيلته أياً كان موقعها الجغرافي أو أصولها ... وله الحق أن يعمل على صيانة سمعتها بجهده هو وأمانته وتصرفاته هو  قبل أن يرجو من الآخرين ذلك .... وأن نعمل جميعا على التوجه بالقبيلة نحو خدمة أهداف ومرامي السودان قاطبة .....
والمطلوب دائما ترسيخ مفاهيم واضحة لدى الأجيال بما يجعل منهم أناس يستحون على أقل تقدير ويعرفون معنى العيب ... وأنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
وللأسف فلا نرى في فكر الترابي شيئا عن الأخلاق  ....

وحبذا لو كان أول درس يتعلمه الطالب في المنهج الدراسي أن الله عز وجل وجل حين مدح حبيبه المصطفى قال فيه:
[ وإنك لعلى خلق عظيم ]
وأن السيدة عائشة بت الصديق رضي الله عنهما حين مدحت زوجها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قالت :
-         [ كان خلقه القرآن ]
وأنه صلى الله عليه وسلم حين ذهب يعلم ويربي أتباعه في حضرته ؛ ويعلمنا ويربينا نحن اللاحقون إلى يوم الدين. قال:
[ إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ]
........
فأين فــكـر الترابي من كـل هــذا؟ .. وهو الذي كان همه هو وجنوده أن يحكموا السودان لا غير.
..............
ويتبقى بعد ذلك الإشارة إلى إغفال الترابي جانب هام من جوانب إرتباط المواطن السوداني الحميم بأرضه التي هي جزء من أرض الوطن . وكافة المنتجات الأدبية والثقافية والفنية توثق لهذا الإرتباط الوثيق....
ولكن يبدو أن الترابي قد شغل نفسه ووقته بقراءة منتجات السوربون وفلاسفة الغرب العلمانيين ، ودعوات الألماني مارتن لوثر في التجديد اللاهوتي للكاثوليكية .... وظل عاكفا على البحث والتنقيب في كيفية الوصول إلى كراسي الحكم والنفوذ والسلطة السياسية ؛ أكثر من الإنشغال بمنتجات مجتمعه الإنسانية ؛ والتعاطي مع موروثات شعبه وتقاليده ؛ وحضاراته السالفة وأدبياته....   

على سبيل المثال فإن تمازج العرق الأموي مع الفونج والعبدلاب يؤكد أن تهمة العنصرية القبلية لدينا تظل محض خرافة.
ومآلات التمازج العربي مع قبائل النوبة في شمال السودان بوجه خاص تصبان في نفس الجانب من نفي العنصرية القبلية.
ونشأت مملكة وحضارة دارفور من تمازج عباسي هاشمي مع قبيلة الفور السودانية . فكان ذلك دليل على أن القبيلة السودانية تتسـع مضامينها وأحضانها لكل مسالم ينشد التعايش الحضاري الإيجابي .. يثريها ويصبح جزءاً لا يتجزأ منها.

وحتى يومنا هذا لا نرصد حروباً قبلية سودانية كان الهدف والغاية منها إستعباد أو الهيمنة أو إستلاب قبيلة لمقدرات قبيلة أخرى ..... وإنما كانت المنازعات تنشأ (ولا تزال) لأسباب إقتصادية تتعلق بتوغل أفراداً من رعاة هذه القبيلة داخل حدود وأراضي االقبيلة الأخرى دون إتفاق سابق بين الطرفين ....... لا بل وأن الواقع يشير إلى أن مثل هذه النزاعات تنعدم في حالات الرخاء وتوافر الماء والـكلأ  .... ولا تنشأ إلا في الأحوال التي تشح فيها الأمطار وتقل المياه وينعدم المرعى.


وكافة الحروب من المهدية والعالمية الأولى والثانية وحرب الجنوب ؛ يوثق التاريخ أن الجندي السوداني قد خاضها ومنحها دمائه دفاعا عن مصالح الوطن العليا أو عن المبدأ متجاوزاً العنصرية والقبلية.

ثم أن الثورة المهدية (كمثال وطني) قد تجاوزت القبيلة في نضال أتباعها ضد المحتل الغاصب ..... لا بل وقد إستلهم الإمام المهدي نفس الإستراتيجية الإسلامية في حروب الردة والفتوحات ؛ حين جعل لكل قبيلة راية وأمير قبل أن يوزعهم تحت الرايات العامة الأخرى للخلفاء بمسميات الزرقاء والخضراء والحمراء والصفراء...... ومن ثم فلم يؤدي ذلك إلى إثارة النعرات القبلية بقدر ما عزز من إنجاز قتالي مثمر.

وقد نشأت مدن سودانية بعينها (سنار ، الفاشر ، مدني ، أمدرمان) على هيئة تجمعات قبلية ... فجاءت على خلاف غيرها بمردود ثقافي إجتماعي فريد من نوعه ليعـزز الـرأي بأن القبيلة لدينا لا تعاني من قيود العنصرية ....

ويظل مشروع الجزيرة الزراعي المنارة الحضارية الأجدر بالفخر لجهة إمكان تحقيق واقع التعايش السلمي المثمر بين كافة القبائل السودانية.

وعند المقارنــة .... دون التطرق لأسماء دول عربية بعينها (تحاشياً للحساسية المطبوعة) فإن القبيلة السودانية تظل هي الأوفر حضارة وقدرة على التمازج والإنكباب السلمي على غيرها من قبائل أخرى بلا أدنى شـك.
 
4)   إنتفاضة أبريل 1985م
سرد تفاصيل وأحداث إتفاضة أبريل 1985 التي أطاحت بنميري وإتحاده الإشتراكي البائس إلى الأبد .... التوقف عند هذا السرد لا طائل منه ويظل إجترار غير منتج.

ولكن الذي لانجده وسط ركام الكثير المكتوب عن هذه الإنتفاضة . هو الجانب المتعلق بثمراتها التي أفضت إليها بما يتجاوز جعفر نميري ونظامه الشمولي .....
ولعلنا نتساءل في هذا الجانب عن منتجات هذه الإنتفاضة الإجتماعية والثقافية ... ولماذا لم تحظى حتى يومنا هذا بذلك الألق والبريق الذي زان ثورة 21 أكتوبر 1964م؟

نعرف عن ثورة أكتوبر 21 أنها أحدثت تغييرات مفصلية في قناعات المجتمع وعاداته وتقاليده ..... وأنها أثمرت عن أدبيات ومنتجات ثقافية متميزة عرفت فيما بعد بالأكتوبريات ... وشمل ذلك أناشيد وأشعار وموسيقى جماهيرية مافتيء الشعب يرددها ويحتفي بها إلى يومنا هذا.

جاءت إنتفاضـة 6 أبريل 1985م ؛ مقارنة بثورة 21 أكتوبر 1964م ، وكأنها ولدت يتيمة .....
ومن بين سطور إنتفاضة أبريل منذ دخول عمال السكك الحديدية في أتبرا إضرابا مفتوحا في  مارس 1985م إحتجاجا على غلاء المعيشة .... ومروراً بتظاهرات طلاب جامعة أمدرمان الإسلامية ..... وإنتهاء بدخول البلاد في حالة إضراب عام لم يخرجها منه إلا بيان القوات المسلحة على لسان وزير الدفاع سوار الدهب بالإستيلاء على مقاليد الحكم يوم 6 أبريل .. ومسارعته إلى إعلان فترة إنتقالية تستمر لمدة سنة واحدة .....  ثم بعد أن وجد الشعب الثائر أنه إنما أعاد إنتاج نفس الأحزاب والوجوه التي ورثت ثورة أكتوبر 21 ......

من بين سطور هذا الملخص يمكن إستخراج الكثير ، وإستنباط الأكثر من الجوانب التي أدت إلى تخلي الشعب عن إنتفاضته هذه التي سرقتها وإبتسرتها الأحزاب التقليدية للمرة الثانية . وعلى نحو يثير في نفس الشعب الزهد.

وربما لأن البعض (اليـــوم) ؛ يرغب في إعادة نفس السيناريو بنفس المؤسسات والوجوه القديمة .... ربما لأجل ذلك يجد الشعب اليوم المبرر في اللامبالاة للخروج مرة ثالثة على نحو يجعل خروجه محض ثـالثــة أثــافي ... فـتـرث ثورته نفس الأحزاب والوجوه التقليدية القديمة .. ثم يعقبها إنقلاب عسكـري بقيادة ضابط يظن نفسه عبقـرينـو ..... وتظل ساقية جـحـا تدور في الفراغ.
 
ولكن ذلك لا يكفي أن يجعل أهل القصر ينامون في العســل ..... فلربما تحدث الثورة لأسباب معاشـــة بدأت سحبها تتجمع لتنذر بثــورة جــياع ...


كانت ثورة أكتوبر تطالب بالحرية والديمقراطية .... وجاءت إنتفاضة أبريل تشكو من غلاء المعيشة  ..... فهل تأتي اليوم أو الغد ثورة ثالثة يشكو الشعب فيها من الجوع قبل أي ربيــع آخــر؟

السبت، 4 يونيو 2016

شهادة الترابي على العصر (حلقة 7)

 

شهادة الترابي على العصر
 
حلقة (7)

مصعب المشرف
4 يونيو 2016م
حسن الترابي
كان أهم ما تداوله الترابي .  ومن خلال أجوبته على أسئلة محاوره أحمد منصور في الحلقة السابعة من شهادته على العصر هو الآتي:
1)   الهيكل التنظيمي للحزب . وتشكيلاته السرية.
2) التبعية لمصــر.
2)   إنتفاضة أبريل 1985م ضد نظام مايو الشمولي الحاكم.
...............

1)   الهيكل التنظيمي :
وفيما يتعلق بالهيكل التنظيمي للحزب ؛ فلربما لا يكون لهذا الأمر أهمية بالنسبة للغرض الأساسي من كتابة هذه الحلقات ؛ بوصفها إنما تعنى بالعلاقة ما بين جماعة الإخوان المسلمين من جهة ، والشعب السوداني قاطبة من جهة أخرى.

وغاية ما فهمناه من حديث الترابي هنا ؛ أنه قد أقـر لنفسه بأنه هو الذي صمم هذا الهيكل .. وأن الأمر قد ظل بعد ذلك شورى بينهم تحت مظلة الإطار العام.

وفي الوقت الذي لم يقل فيه الترابي ما سيأتي في هذه الفقرة ... فإن الشعب السوداني يدرك أن الإطار العام الذي يشكل مقاصد هذا الحزب إنما يتمحور في إتخاذ الإسلام (شعار) كوسيلة للوصول إلى كراسي الحكم .... أو بما أصطلح عليه بـ "الإسلام السياسي".

ولكن .... وينبغي أولاً التأكيد هنا على أن القناعة بنظام ديمقراطي ليبرالي حر ؛ تقتضي أولاً التأمين بضرورة ترك الباب مفتوحا أمام كافة الأحزاب السياسية وحرية تشكيلها ..... وأن الخلاف مع الترابي وتلاميذ الترابي إنما هو في الأصل خلاف على ماضي وحاضر ومستقبل السودان لمصلحة الوطن الذي ننتمي إليه ويجمعنا جميعاً . وليس دعوة إلى تصفيتهم والحجر على أفكارهم ..... على العكس مما يدعون إليه مهـم ن حجر تام على الغير في إستغلال مقيت رخيص للدين.....   

2)   التبعية لمصر:
يلتقي البعض السوداني مع الترابي في جزئية هامة أرى أنها تحسب له على مدى التاريخ .... وهذه الجزئية متعلقة بقدرة الترابي طوال الفترة من 1964م إلى تاريخ وفاته مارس 2016م في النأي بنفسه وبحزبه عن "التبعية" الفكرية والتنظيمية لحزب الإخوان المسلمين المصري...... أو خضوعة لأية إملاءات مصرية كتلك التي تخضع لها أحزاب سودانية طائفية وسياسية تقليدية أخرى.

لا بل ونحمد للترابي أنه حين أفلح في النأي بأفكاره ونفسه ، وحزبه عن التبعية لمصر . فإن هذا النأي لم يأتي مصادفة تاريخية .. وإنما جاء على واقع تخطيط محكم وسبق إصرار مبدع.
وإزاء ذلك فقد أبرز حسن الترابي جوانب إيجابية ودهاء مطبوع .

والشيء الذي لفت الإنتباه بقوة إلى نجاح الترابي في منحاه هذا .... الذي لفت الإنتباه هو إصرار محاوره أحمد منصور طوال الحلقات الست الماضية إلى إستجلاب الظلال المصرية إلى سماء حزب الترابي الإسلامي بوجه خاص ... ولكن دون جدوى.

وعلى الرغم من فقدان محاوره المصري أحمد منصور لتوازنه وخواره وتقافزه ؛ وإلتفافه ودورانه حول الفكرة ... إلا أن الترابي ظل على موقف ثابت من رفضه للفكرة .. وإصراره على تبرئة نفسه من تهمة التبعية لمصر .. أو مجرد الإحتفاء بالتجربة المصرية الإسلامية... وإنما ظل دأبه الدائم السخرية منها ؛ والحط من شأنها الفكري عند مقارنتها بالتجربة السودانية.

والطريف أن الترابي على العكس من معظم السودانيين ضيوف الساحات الإعلامية المصرية أو التي يمتلك زمام المحاور فيها مصري الجنسية .... فيميلون إلى مجاملة المصري على سبيل التفويت ولدواعي الحياء من المضيف .... فإن الترابي على العكس من هؤلاء أبدى قوة شكيمة وإحترافيـــة منقطعة النظير ؛ حين رفض أن يجامل مضيفه المصري أحمد منصور لجهة محاولة الأخير  توثيق جانب للتبعية إلى مصر.

ولا أدري هل سيتمكن تلاميذه من مواصلة نهجه لجهة المضي قدماً في تعميق التجربة الإسلامية بعيدا عن مزالق التبعية لمصر . وبما يكفل لهم الفخر بعذريتها عند المقارنة بالتجارب السودانية الحزبية والأطروحات الفكرية الأخرى .. أم أنهم سيقعون في الفخ ويضعون أقدامهم على أول الطريق المؤدي إلى الإفلاس الفكري والفناء والتلاشي..... أو التحول في أفضل الأحـوال إلى "بوابين" ؛ وخفراء مياه؟

ثم ؛...  هل سيتمكن تلاميذ الترابي من تطوير فكره إلى طرح وطني إسلامي ؛ بديلا عن إسلام سياسي يلهث خلف كراسي الحكم .. يجافي مكارم الأخلاق ... ويعنى فقط بالمسلك الذي يتوقف عند إرتداء الحجاب وإعفاء اللحى وحف الشوارب وتطبيق الحدود على الغير ؟

أكثر الظن أنهم لن يفلحوا ... وذلك لما أراهم عليه (بعيداً عن الترابي) من إنعدام للكاريزما .. وإنشغال عن الإنتاج الفكري والفلسفي بالتقرب إلى القصر الجمهوري ، وتسلق كراسي الوزارة والأوقاف والزكاة ....  والثرثرة الغير منتجة .. والإنشغال بالملذات والرفاهية وبذل الغالي والرخيص في سبيل ذلك تحصيلها والإحتفاظ بها ......

وللأسف يظل إفتقار فكر الترابي إلى جانب الأخلاق .. يظل الثغرة الأوسع في قماشته .... وحيث لا يعقل أن يستمر هذا الفكر في طرح إسلام بلا مسلمين يطبقونه على أنفسهم قبل غيرهم... أو كما قال الله عز وجل في سورة الصف :  [يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتا عن الله أن تقولوا ما لا تفعلون (3)
أو كما قال أبو الأسود الدؤلي:[ لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم]

يزهو الترابي بتجربته الإسلامية لجهة عدم لجوء حزبه إلى ممارسة الإرهاب المسلح الممنهج الذي تمارسه جماعة الإخوان المسلمين المصرية . وما نجم عن هذا المنهج من إفلاس فكري للجماعة المصرية ؛ التي لاتزال تقف عاجزة عن تلبية حاجة هذا الشعب الفرعوني إلى أريحية تجذبه للصلاة  داخل فسطاط  عمرو بن العاص ... وشخصية مصرية يلين لذكورها وإناثها مذهب الإمام الشافعي ؛ ورغم أنف الشاعر المتنبيء .

حاول محاور الترابي في برنامج "شاهد على العصر" .. المصري أحمد منصور .. حاول قدر طاقته إستنباط وجوه ترضيه وتعالج فيه "عقدة التفوق" تجاه السوداني. فلجإ إلى توجيه سؤال للترابي في الحلقة السابعة يستفسر عما إذا كان هناك تنظيمات سرية تابعة للحزب أو أن هناك جهاز أمني للحزب .....

ولإستدراج الترابي نحو فخ توثيق فرضية التبعية  السودانية لمصر ... فقد أقحم أحمد منصور توثيقا مصورا لقائد التنظيم السري للإخوان المسلمين المصري الذي أسسه حسن البنا عام 1940م بزعم تحرير فلسطين ...
وكان ردة فعل الترابي أن تجاوز وترفع عن مجرد الإهتمام بهذا العرض والإستعراض الوثائقي الإخواني المصري. ولكنه أقر بوجود جهاز أمني للحزب واقتصاره على المتابعة وجلب المعلومات.
ونحن في السودان نستغرب في جماعة الإخوان المسلمين المصرية هذه الإحتفالية الحمقاء بما يسمى بالتنظيم السري.
ويثور التساؤل هنا ؛ لماذا يظل مبدأ الإغتيالات السياسية ؛ وممارسة الإرهاب في الشارع العام جزءاً من العقلية الإخوانية المصرية ؛ على الرغم من ثبات عدم إنتاجيتها . وأنها دائما ما تأتي عليهم بالشر الماحق في ظل قدرات الأجهزة الأمنية الإستثنائية للدولة المصرية.

حسن البنا
في عام 1940م أنشأ حسن البنا هذا التنظيم السري بزعم  مقاومة الإحتلال البريطاني وتحرير فلسطين ... ولكنه سرعان ما إنحرف عن أهدافه (الرومانسية) هذه . وتحول إلى محض تنظيم إرهابي متخصص في الإغتيالات السياسية وتصفية الخصوم والمنشقين... وتفجير القنابل داخل دور السينما والملاهي الليلية ... ومحطات القطار والتورماي.

نعم ؛ ...  أبرز حسن الترابي جوانب إيجابية ودهاء مطبوع ؛ حين تمكن على نحو ملحوظ من نشــل حزبه من التبعية الفكرية والتنظيمية لجماعة الإخوان المصرية عقب توليه منصب الأمانة العامة للحزب عام 1964م .
ولكن ربما كان على الترابي أن يقدم تفسيراً مقنعاً وكشف حساب محكم عن إتهامات لتلاميذه (على الأقل) بإرتكاب أو التخطيط لعمليات تصفيات جسدية للعديد من الشخصيات التي كانت تخشى جانبها أو تظن أنها تمتلك أسراراً لا ينبغي لها بها.

المطرب الراحل خوجلي عثمان
هناك قائمة من أمثال اللواء الزبير .. والعقيد إبراهيم شمس الدين .... وملازم أول مكتب والي الخرطوم الشاب ... وحتى المطرب خوجلي عثمان طيب الله ثراه.

كذلك يعيب المجتمع السوداني على شباب الإخوان في الجامعات خاصة مسارعتهم إلى حمل وقذف الطوب والحجارة ؛ والطعن بالمطاوي والخناجر ؛ والضرب السيخ والهراوات في تعاملهم مع غيرهم من زملائهم وزميلاتهم أصحاب الرأي الآخر ..... وبما يعزز الإنطباع بأنهم يفتقرون إلى قدرات النقاش والإقناع في ذات الوقت الذي يزعمون فيه بأنهم حملة القرآن العظيم وحماة الدين ... وعلى سنة وهدي أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم .... ونهج الخلفاء الراشدين!

3) إنتفاضة أبريل 1985م
عند الحديث عن إنتفاضة أبريل ؛ إعتدل الترابي في تقديره لذاته وحجمه ، وأهميته في الأحداث التي شهدتها اليلاد فيما ما عرف بإنتفاضة أبريل 1985م التي أدت إلى إسقاط جعفر نميري ، وزوال نظامه الشمولي السطحي المفتقر إلى الفكر ووضوح المنهج.


ولكن .. وكما يقولون فإن العرجاء إلى مراحها .... حيث لم ينسى الترابي نفسه وحظه من الدنيا ........ فقد جاء في جنايا إجابته أنه كان خلال فعاليات تلك الإنتفاضة حبيس سجون نميري .... ولكنه واصل فتباهـــى بأن نظام نميري قد سارع إلى نقله من سجن كوبر إلى سجن الأبيض خوفاً من قدراته في التأثير على الشارع.


وأغفل الترابي أن من بين أهم أسباب إنتفاضة أبريل 1985م ؛ إنما تأتي على وقع قوانين سبتمبر 1983م السيئة السمعة التي أصدرها نميري بعد إستشارته له.