الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

متسولة حبشية (مليونيرة) في شوارع الخرطوم



متسولة حبشية (مليونيرة) في شوارع الخرطوم
مصعب المشرّف
5 أكتوبر 2016م
واقعة سرقة لصوص لثروة متسولة أجنبية (حبشية) هزت أركان المجتمع السوداني ؛ بسبب ما تم الإفصاح عن حجم هذه الثروة التي تمتلكها هذه المتسولة. خاصة ما تمتلكه من عملات أجنبية أعيدت إليها وفوقها بوسة ؛ في الوقت الذي سبق وأن تم إعدام مواطن سوداني بسبب ضبطه يحمل حقيبة بها عملات أجنبية وهو في طريقه لإيداعها البنك.

لا بل ونستغرب أن تطارد سلطات الولايات المواطنات  بائعات الشاي اللواتي تعففن بهذه المهنة المشروعة عن السؤال أو الإنحراف . ولأجل التمكن من تربية أبنائهن اليتامى بشرف ونزاهة .. ثم تسكت هذه السلطات عن مساءلة وملاحقة متسولات أجنبيات في كافة شوارع البلاد الرئيسية.

الذي رشح من داخل جدران مركز الشرطة ؛ أن المبلغ المسروق قد جاءت تفاصيله على النحو الآتي:
148 مليون جنيه  سودانيً .... 600 دولار أمريكي .... حوالي 600 ريال قطري .. 400 درهم أماراتي ... وكمية من المشغولات والحلى الذهبية بقيمة 80 مليون جنبه.

والطريف أن المتسولة الحبشية قد سارعت بفتح بلاغ دون أن يرمش لها جفن. أو تظن أنها بذلك تفضح جريمتها هي أيضا وتعرض نفسها للمساءلة.
ولكن يبدو أنها أدرى بما يدور حولها . وأنها تلقت تطمينات مقنعة من عناصر نافذة.

واليوم فإن المفترض التحفظ على هذه الثروة التي تكشفت لدى الحبشية ؛ لأن التسول مهنة غير مشروعة في البلاد . ثم إن هذه المتسولة أجنبية ولا تحمل ترخيصا بالعمل.
ثم المتوقع بداهة أن يكون الإجراء التالي هو توقيفها ؛ وتقديمها إلى العدالة بما يكفل الحكم عليها بمغادرة البلاد نهائياً دون عودة.
هكذا تتعامل الحكومات التي تحترم نفسها وتراب أرضها ومواطنيها تجاه كل أجنبي يتجرأ على خرق قوانين البلاد .... ونحن الحمد لله نحسب أننا نعيش في ظل حكومة وليس عصابة أو مافيا.

لو كانت هذه المتسولة قد تم ضبطها على هذا النحو في دول عربية أخرى لاقامت الصحافة فيها الدنيا ولم تقعدها ... ولكان قد تم توقيفها ومحاكمتها وفق قوانين العمل الصارمة التي تمنع الأجنبي من ممارسة أية مهنة غير التي نص عليها في بطاقة اقامته. كما لا يحق له العمل لغير مصلحة كفيله.
وفي الأصل فإنه لا توجد دولة في العالم غير السودان تسمح للأجانب بممارسة مهنة التسول داخل أراضيها.
ننتظر إذن تحويل حالة الحبشية هذه إلى النيابة العامة والتحقيق معها في أكثر من تهمة. ليس أقلها الأضرار باقتصاد البلاد لعدم تبليغها عن احتفاظها بعملات اجنبية .

غريب عيون سرحان على الأرض الغريبة وبسأل الشوق عن وطن

من جانب آخر نستغرب كيف نشطت الشرطة واستطاعت القبض على اللص في خلال 4 ساعات فقط لأجل خاطر عيون هذه الحبشية... أو كأنها مبعوثة دبلوماسية رفيعة المستوى وليست متسللة متسولة.

ترى من هو ذلك الرجل القوي الذي يتلقى منها الأتاوة نظير وقوفه إلى جانبها وجانب الآلاف مثيلاتها المتسكعات في شوارع وأزقة العاصمة ؟

هناك اليوم مئات الآلاف من المتسكعات الحبشيات ينعمن بالحماية والملاذ الأمن على نحو يحسده عليهن المواطن وأعضاء البعثات الأممية الإغاثية.

سبحان الله ؛ تتهم وزارة المالية والأجهزة الأمنية المواطن المغترب بتسريب الدولار إلى السوق الاسود ؛ وتطارده في بيته والشوارع ؛ وتعصره عند كل تأشيرة خروج وقبيل الدخول إلى صالات المغادرة . ثم تسكت عن مساءلة متسولة حبشية. تتكسب الملايين من العملة السودانية وآلاف من العملات الأجنبية دون أن تدفع مقابل ذلك ضريبة أو زكاة حتى.

نحن بالفعل نعيش الكارثة بكل جوانبها المادية والنفسية.
قبل فترة تفاءل المواطنون ، وتوقعوا خيراً على وقع تعميم الرقم الوطني الذي يكفل للمواطن حقوقه الأساسية على تراب بلاده ....
ولكن يبدو أن المسألة ليست في إلإكتفاء بإستخراج هذا الرقم الوطني بقدر ما أنها تتوقف على مدى قناعة الأجهزة الحكومية جميعها بما يمكن أن يحققه هذا الرقم الوطني من غايات منشودة ؛  ليس أقلها محاربة ظاهرة التسلل والتواجد والتسكع الأجنبي الأفريقي خاصة في شوارع البلاد.

أخشى أن التراخي الملحوظ تجاه التواجد المدني الأجنبي داخل السودان اليوم إنما الهدف منه الضغط على الإتحاد الأوروبي بورقة الهجرة الأفريقية الغير شرعية إلى سواحل القارة الأوروبية .. وعلى وهم بأن تمنح هذه الورقة فرصة للمساومة على فك طوق الحصار الإقتصادي ومذكرات جلب صادرة من محكمة الجنايات الدولية.
لقد سبقهم الرئيس اللبي السابق معمر القذافي إلى إستخدام هذه الورقة ولكنه لم يجد أذنا صاغية .

واقع الأمر فإن جميع ما تفكر فيه الحكومة السودانية ليس بمنطقي ولا مثمر ..... فالفيل هو الولايات المتحدة الأمريكية ... وظل هذا الفيل هو الآخر ليس في أوروبا الغربية.

إذا كان موظفوا الخارجية السودانية يظنون أنهم يستطيعون الضغط على الولايات المتحدة عبر الإتحاد الأوروبي فهم واهمون.

واشنطون لايهمها شيء من الهجرة الغير شرعية نحو أوروبا لسبب بسيط هو أن هذه القوارب التي تحمل المهاجرين من أفريقيا لا ترسو أو ترمي حمولتها البشرية قبالة سواحل الولايات المتحدة الأمريكية.

والولايات المتحدة الأمريكية عندما تشارك بمندوبين في إحتماعات دولية للحد من ظاهرة الهجرة الغير شرعية والإتجار بالبشر . فإنها لا تأتي في حقائبها وضمن وثائقها سوى بأرقام حالات تسلل مواطني المكسيك وكوبا وبعض دول أمريكا اللاتينية إلى أراضيها.

ولأجل ذلك تساهم الولايات المتحدة شفاهة وتدعم مالياً مساعي الأمم المتحدة في الجهود للحد من تنامي ظاهرة الإتجار بالبشر والهجرات الغير شرعية .... ولكن أن تظن السياسة السودانية أنها تمتلك كروت ضغط على هذه الشاكلة في طاولة مفاوضات مع واشنطون ؛ فإننا نقول لهؤلاء "إن بعض الظن إثم". 

مصعب المشرّف
5 اكتوبر 2016م