الأحد، 22 فبراير 2015

مـن يعيد بناء كوبـاني بعـد دمــارها؟

مـن يعيد بناء كوبـاني بعـد دمــارها؟

(الدمار الكامن في الحلول العسكرية الأمريكية)

مصعب المشرّف
22 فبراير 2015م

أكثر ما أثبتته حرب الدواعش في المنطقة هو عجز الجيش العراقي والسوري وغيرهم عن خوض غمار حرب برية حقيقية .. والسبب دائماً هو ضعف هذه الجيوش التي تم تأسيسها على أسس قبلية وطائفية وعشائرية . وتفتقر إلى التدريب والروح الوطنية والعقيدة القتالية تماماً ..


ووفقاً لهذا الواقع المرير فقد أصبحت الحلول المفضلة دائماً هو الإستعانة بالأمريكان والغرب لخوض حروب بالنيابة عن الجيوش النظامية العربية .

ولكن الأمريكان والغرب يترددون بعد تجربتهم في فيتنام والصومال وأفغانستان والعراق من اللجوء إلى خيار التدخل في حروب برية وما يترتب عليها من خسائر بشرية وتبعات مالية وإدارية ؛ وتجاوزات وخرق لحقوق الإنسان. وإساءة معاملة الأسرى.


ويبقى الحل المفضل لدى هؤلاء هو اللجوء إلى الضربات الجوية والصاروخية ..... ولكن ما من مكان تدخّل فيه الأمريكان بحلولهم الجوية هذه إلا وأصابه الدمار الشامل بسبب أنهم يتبعون إستراتيجية التدمير الغير واعي للبنيات التحتية الأساسية في سبيل تحقيق إنتصارات لا تتماشى أرباحها الزهيدة مع تكاليفها الفلكية الباهظة.


وحتى يرضى الطرف الموالي لهم من أطراف النزاع بمثل هذا الحل (التدميري) الأمريكي . فإنهم ينتظرونه حتى يغرق إلى أذنيه ويصبح قاب قوسين أو أدنى من الهلاك . ويصير حاله مثل الغريق الذي يتعلق بالقشة في وسط لجة البحر ..... وهنا فقط يعرض عليه الأمريكان حلولهم للخلاص مما هو فيه . فيسارع هذا الغريق إلى الرضا والقبول بالمحتوم دون قيد ولا شرط ؛ ولسان حاله يردد يا روح ما بعدك روح ..... وتكون النتيجة الحتمية النهائية لمثل هذا الحل الأمريكي هو هدم المعبد على روؤس الجميع.

ولا أدري أي حرب هذه التي يمكن تحقيق النصر فيها بدون إجتياح بــرِّي .. وسواء أكانت هذه الحرب في الصحراء أو داخل المدن.

وعلى نحو خاص فإن الإكتفاء بالقصف الجوي والصواريخ العابرة في حرب المدن ؛ لا تؤدي في نهاية المطاف سوى لتدمير هذه المدن والسلام.
فأي نصر هذا الذي نظن أنه تحقق في هذه الحالة؟


في كوباني السورية . ترك الأمريكان وحلفائهم الغربيين أكرادها في بداية الأمر تحت رحمة داعش بين الحياة والموت .... ووقف نظام بشار الأسد يتفرج ضاحكا على حاله وشامتاً على حال غيره .

وحين بلغت روح هؤلاء الأكراد الحناجر والتفت الساق بالساق داخل خنادقهم المحاصرة من جانب الدواعش الأشرار . جاءت موافقة كل الأكراد في المنطقة والشتات بأسرع ما يكون على الحل الأمريكي المتمثل في ضرب الدواعش من فوق السحاب .


وكانت النتيجة كما رأينا تدمير ثلاثة أرباع المدينة بشكل كامل ؛ لم تشهده حتى غزة في فلسطين على يد اليهود.


إن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو:
من يمتلك الأموال والإمكانات لرفع أنقاض هذه المدينة ؛ ناهيك عن إعادة البناء ؟



مدينة كوباني تقع داخل الحدود السورية .. فهل يتوقع أهلها والحال كذلك أن تسارع إليهم أربيل الأكراد العراقية بمد يد المساعدة لرفع الأنقاض وسداد المليارات لتمويل إعادة البناء ؟ ..... لايوجد إنسان في رأسه عقل يتوقع أو يفكر في إمكانية حدوث ذلك ... فعين هؤلاء بصيرة ويدهم قصيرة ....  
ثم أن أهالي إقليم كردستان العراق لا يزال أمامهم مشوار طويل وشاق ومكلف حتى "آخر نقطة نفط" للتخلص من داعش التي يسمعون لها تغيظاً وزفيرا وهي تفور من حولهم.



هل يتوقع أهل كوباني أن يسارع إليهم بشار الأسد فيرفع الأنقاض ويعيد البناء . ويشرع في تهيئة البنية التحتية؟
  

هل يتوقع أهل كوباني أن يجتمع أثرياء العالم داخل أفخم فنادق السبعة نجوم فيرمون من فورهم "النقــوط" على جسد هذه المدينة المترنحة ؟


أقل ما سيفعله مؤتمر عالمي ينعقد على الطريقة التي إنعقدت بها مؤتمرات سابقة لإعادة بناء أفغانستان والبوسنة والهرسك والصومال والعراق ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة وجنوب السودان ودارفور ,,, إلخ إلخ هو بذل الوعود على موائد الطعام والبوفيهات المفتوحة . ثم يغادر الحضور ويختفون كالأشباح في دياجير الظلام.



والكلمة السحرية التي يحتال بها هؤلاء الداعمون الوهميون تظل دائما هي : "دعونا ننتظر حتى نطمئن إلى وصولكم "حالة" الإستقرار التام" ... وسننظر بعدها في الأمر .


وهي حالة إستقرار يحددونها هم وليس غيرهم من أهل النكبة .... وهكذا لن تأتي حالة هذا الإستقرار التام (وفق قناعاتهم) حتى يلج الجمل في سم الخياط.