الخميس، 17 ديسمبر 2015

فضيحــة الماكنتوش

فضيحــة الماكنتوش

مصعب المشرّف
17 ديسمبر 2015م


في الوقت الذي يظن فيه البعض أن الناس في الغرب قد توقفت حياتهم بسبب الخوف من العمليات الإرهابية . فإن الواقع  يؤكد أن الحياة ماضية مضطردة في شأنها ..

وبسبب أعياد الميلاد التي تمتد طوال شهر ديسمبر ولا تنتهي إلا بقدوم العام الجديد .. فإن الناس هناك يبدو أنهم أكثر إنشغالاً اليوم بأسعار وعبوات الحلويات والشيكولاتة مقارنة بأي هموم أخرى.

وفي خبر جديد ملفت . فقد صادف أن إنتبهت عاشقة لحلويات "كواليتي إستريت" إحدى مفاخر الصناعات الإنجليزية العريقة ... إنتبهت هذه المدمنة لحلويات كواليتي استريت (ماكينتوش) إلى أن حجم ووزن أشهر العبوات المصنعة من الصفيح قد ظلت تتناقص ثلات مرات خلال الفترة من عام 1998م حتى 2015م...... وأن جميع ذلك قد تم دون تخفيض في الأسعار.

سارعت هذه السيدة البريطانية بتصوير عبوات هذه الحلويات ونشرتها على صفحتها في الفيس بوك . فكان أن صادف ذلك إهتماماً منقطع النظير وغير متوقع سواء لدى إدارة الشركة المصنعة أو الصحافة البريطانية.

ولمزيد من الإيضاح فإن الصورة المرفقة تكشف أن العبوة (على اليسار) هي الأصلية حتى عام 1998م . وكان وزنها 1.7 كيلوجرام ... ثم نقصت إلى 820 جرام .. ثم 780 جرام وظل السعر كما هو .....


وتحتوي عبوة علبة الماكينتوش على 12 صنف من الشيكولاتا أشهرها وألذها طعماً تلك القطعة المغلفة بالقصدير البنفسجي ..... وفي التخفيض الأخير الذي حدث ما بين عامي 2014م و 2015م ؛ فقدْ فـقـدَ المستهلك 5 قطع حلاوة بالتمام والكمال رغم أنه سيظل يدفع نفس السعر القديم.

وقد إعترف مدير عام العلاقات العامة في الشركة المصنعة بحقيقة الأمر .... والغريب أنه إقتصر في تصريحه للصحف وعلى مواقع الشركة الألكترونية وحسابات التواصل ....... إقتصر تصريحه على مجرد الإعتراف بمصداقية "زبونتهم" هذه .. ولكنه تفادى التحدث عن أية أسباب تتعلق بالتكلفة وغلاء الأسعار والمواد الخام .... وهو ما أثار لغطاً حول حقيقة رغبة الشركة المصنعة في مجرد زيادة أرباحها لا غير.

حلاوة الماكنتوش لها قصة شهيرة في السودان .... فقد شهد أنه خلال عهد مايو البائد بقيادة جعفر نميري ... شهد أحد وجوه فساد ذلك العهد إستيراد شركة محسوبة على (بثينة) زوجة الرئيس جعفر نميري .. إستوردت عام 1973م شحنات ضخمة من حلاوة الماكينتوش . وأنزلتها الأسواق خلال شهر رمضان لتلبية طلبات البعض بمناسبة قرب قدوم عيد الفطر السعيد ......
وتسببت الشهرة الطاغية لهذه الشيكولاتة الباهظة الأسعار في تصاعد الإنتقادات من جانب الكادحين والطلاب والعمال ؛ وفلول الشيوعيين الذين إعتبروها ظاهرة برجوازية .. وكذلك إنتقدها الإخوان المسلمين (ههههه) .. الذين ركبوا الموجة واعتبروها من المحرمات .. وأنها لا تتسق مع مقتضيات التكافل الإسلامي .... والخلافة الراشدة  .... إلخ من إكليشيهات كانوا يتغنون بها ويعزفون على أوتارها لدغدغة مشاعر الشعب عندما كانوا "طُـلَقـاء" بعيداً عن السلطة وكراسي الحكم ومراكز إتخاذ القرار...... ودون أن يتخيلوا أو يتوقعوا أنهم سيأتي عليهم يوم يأمرون فيه الناس بالبر وينسون أنفسهم

واقع الأمر فإن تاريخ الفساد المايوي الموثق يشير إلى أنه قد تم بالفعل طرح حلاوة الماكنتوش في العاصمة وكبريات مدن الأقاليم (بعد توقف دام سنوات) . وكانت أسعارها فلكية مقارنة بمنتجات سودانية شهيرة من قبيل "حلويات سعـد" و  " ريّا " و "كريكاب".


سبحان الله ....  وما أشبه الليلة بالبارحة ........تتبدل العهود والوجوه على السودان والحال واحد .. أو كانّ التاريخ لا يزال يراوح مكانه ؛ ويأبى أن يكرر نفسه إلا في بلادنا.