الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

لماذا يدافع سبــدرات الخـفيف عن الحكومة المصرية؟

لماذا يدافع سبــدرات الخـفيف عن الحكومة المصرية؟

مصعب المشـرّف
24 نوفمبر 2015م


بعد أن تقدم بسبدرات العمر . ولم يعد بمستطيع إبتداع تقليعات جديدة في تسريحة شعر رأسه السبيبي الدهني الأسود اللامع على مر عقود عمره السبعة وزيادة ... فقد خرج علينا سبدرات برأي غريب يدافع فيه عن إساءة المصريين للسودانيين في مصر بالقول (أن هؤلاء السودانيون كانوا ماشين إسرائيل عـديـــل ).

وبالطبع فنحن نعلم أن سبدرات إنما يقصد هنا بعض مواطني إقليم دارفور الذين تقطعت بهم السبل يوماً ما فوجدوا في نار إسرائيل خيراً من رمضاء حكومة كان هو (سبدرات) تلميذاً لترابيها .. ثم عضواً بارزاً فيها وصديق وزميل دراسة مقرب من عثمان طاهاها .... ومسئول بالتضامن عن جميع خيباتها وعنصريتها ..... وجهويتها وحماقة  صالحها العام سيء السمعة.

ونحن نقول لسبدرات إنه إذا كان قتل كل عربي ومسلم يتوجه لإسرائيل جائـز .....  فمعنى ذلك أنه يفتي بمشروعية قتل كل سفير ودبلوماسي ومسئول مصري وأردني وموريتاني يسافر إلى إسرائيل ..... وقتل آلاف العمال المصريين والأردنيين الذين سافروا للعمل في إسرائيل كنّاسين وعمال قِمامة في تل أبيب ؛ وجرسونات وخدامين في شاليهاتها وفنادقها.

وأرجو أن لاتقرأ داعش أو منظمات الجهاد ؛ وبعض طلاب جامعة مامون حميدة (فتوى)  سبدرات هذه ، فيجعلوا منها قاعدة فقهية وقانونية تبيح لهم قطع رؤوس وحرق ، وتصفية كل عربي أو مواطن من بلد إسلامي يسافر إلى إسرائيل.

إنه لمن المستغرب له أن يلوي سبدرات عنق الحقائق ضد أبناء وطنه لمصلحة الأجنبي ، ويكذب ويدعي أن هؤلاء السودانيون كانوا ذاهبون إلى إسرائيل . في الوقت الذي تثبت فيه كل الوقائع المتواترة وتلك الموثقة بالصور . وفحوى إحتجاج السفارة السودانية بالقاهرة . وإعتراف المصريين أنفسهم ؛ بأن كل الضرب والإعتداء الجسيم ، وسلب وسرقة الشرطة المصرية لأأموال ضحاياها السودانيين السائلة والمنقولة ؛ إنما كانت تجري في شوارع القاهرة وأسواقها في الهواء الطلق قبل إقحامهم في المعتقلات ؛ وتعذيبهم بلا تهمة وتحت شتى الذرائع الفرعونية الواهية.

وإنه لمن المستغرب أن يخرج علينا سبدرات بهذا الزعم الكاذب على الرغم من أن وزير الخارجية السوداني د. غندور كان قد أدلى بالأمس القريب ببيان أمام البرلمان السوداني ؛ يؤكد فيه حقيقة ما يتعرض له السودانيون الأبرياء المدنيين في مصر . وأن الحملات الأمنية أنتقلت من الشوارع والأسواق إلى مهاجمة السودانيين داخل المساكن التي يمتلكونها أو يستأجرونها في مصر.

إننا نستغرب كيف إنقلب سبدرات 180 درجة ؛ وأصبح على هذا النحو من العداء (العربي) السافـر لإسرائيل . وهو الذي إنبرى وتصدى بالأمس للدفاع في المحاكم عن مجرمين سودانيين باعوا ضمائرهم إلى الشيطان الإسرائلي ، وعملوا في تسفير الآلاف من اليهود الفلاشا إلى إسرائيل أواخر عهد الرئيس السابق جعفر نميري.

وعلى سبدرات أن يعي قبل إنتقاله من هذه الحياة الدنيا . أن هؤلاء الفلاشا الذين دافع عن الذين أداروا مؤامرة تهريبهم إلى إسرائيل .. هؤلاء الفلاشا أصبحوا اليوم هم وأبناءهم ذخيرة إسرائيلية لا يستهان بها ؛ ترفد جيشها وتعمل في صفوف جنودها ، ويمارسون أشرس أساليب القتل والتعذيب ضد أبناء وأطفال ونساء وشيوخ الفلسطينيين.
بالتالي فإن سبدرات والذين دافع عنهم مسئولين أمام الله عز وجل عن كل نقطة دم فلسطينية يتسبب في إسالتها الجندي الإسرائيلي الفلاشا .... ومسئولين بالتضامن عن كل روح تزهق .

إن على سبدرات أن يدرك أنه لايخاطب مجموعة من الشعب البلهاء . أو يدافع عن أحبابه المصريين في ساحات الساسة الأغبياء والقضاء الفاسـد .....

وعليه أن يدرك عن يقين أن كل سوداني من المهد إلى اللحد يعي أن كل ما يقوم به المصريين ضد المقيمين والزائرين السودانيين في بلادهم ؛ إنما للكيد ضد السودان بسبب موقف شعبه الرافض لإحتلال مصر لحلايب وشلاتين السودانيتين .. والرافض لترك القاهرة تحدد له ولحكومته حجم وطبيعة ومدى علاقته الأزلية بشقيقته المملكة العربية السعودية .. السعودية التي تحترم قدراتنا وتشيد بأخلاقنا ؛ وعودتنا دائماً أن تقف إلى جوارنا في الأزمات والكوارث والمِحَـن والإحـــن والملمّات.

ثم أن السودان ليس بهذا الغباء ليدخل (نيابة عن مصر) في حرب أو مواجهة مفتوحة مع أثيوبيا وشعبها الشقيق الحبيب .... الشعب الأثيوبي وحكومته وإعلامه الذي يحترمنا ولايستهتر بنا أو يجعل مننا مصدراً للسخرية ؛ والإستهزاء المغرض في وسائل إعلامه بغرض الضغط النفسي علينا وتحجيم قدراتنا وتسفيه أحلامنا على النحو الذي دأب عليه المصري منذ الأزل.

وبالأمس القريب خرج وزير الخارجية الأثيوبي يسخر من تهديدات مصر لبلاده .. وقال أنها  ليس لديها القدرات العسكرية واللوجستية والإقتصادية أو السياسية التي تمكنها من شن هجوم على أثيوبيا . وتحدى حكومتها أن تفعل .... فلماذا لم ترد عليه الحكومة المصرية؟ .. ولماذا لم تلجأ إلى إساءة معاملة الجالية الأثيوبية التي تقيم في القاهرة؟

ربما لو كانت الحكومات السودانية المتعاقبة والشعب السوداني يسارع إلى ردة الفعل والمعاملة بالمثل داخل السودان ..... ربما وقتها فقط يحجم المصري عن الإساءة للسوداني ويتعلم كيف يحترمه.

الملفت للإنتباه أنه على الرغم من التعدي والهجمة الأمنية الهمجية المصرية ضد المواطن السوداني في مصر ...... فإننا لم نسمع ولم نقرأ حتى الآن عن مصـري واحــد إجتح جهراً أو همساً على أفعال حكومته أو دافع عن السودان والسودانيين .... ولكننا في السودان فوجئنا بخروج أكثر من عميل وخائن يدين أبناء وطنه ويمافح عن المصري .. وينسى حتى العمل بحكمة أن "الكأس دائر" على الجميع .. وأنه إن نجا اليوم من بطش الأمن المصري فلن ينجو إبنه وحفيده غداً..... وتلك الأيام يداولها الله بين الناس ... ولكن البعض لاينظر إلا تحت قدميه ... ويظن (على طريقة جحا) أن بمعزل ومنجاة.


المشكلة بين مصر والسودان ليست فقط في أن الملف السوداني موجود في مبنى المخابرات المصرية عوضاً عن وزارة الخارجية كما يظن بعضنا .... ولكن المشكلة والأزمة نفسية أزلية .. فالمصري يولد وفي فمه ورقة مكتوب عليها أن مصر وطنه .... وأن السودان جزء من ممتلكاته.

ثم أن المخابرات المصرية ما إنفكت منذ إحتلال مصر للسودان عام 1821م وإلى يومنا هذا تشتري ولاء وضمائر بعض أبناء السودان بالأموال والعقارات وشتى المغريات والمفاسد . وتعتمد عليهم عملاء لها وسط الشعب السوداني...... وهذا دأب المخابرات في كل مكان .. وحيث تعتبره الوسيلة المثلى والطريق الأسهل للحفاظ على مصالح بلادها الإستراتيجية في علاقتها بالدول الأجنبية. 

وللأسف ؛ فإن فينا المتسول والرخيص والباطل والخائـس ؛ الذي تردّه اللقمة واللقمتان ؛ وزجاجة الويسكي والزجاجتان .. والمومسة والمومستان .. والألف جنيه مصري والألفان ... وتذكرة السفر المجانية على خطوط مصر للطيران والتذكرتان.

ولكل سوداني يستغرب اليوم ما يجري له أو يجري لمواطنيه في مصر نعيد إليه قراءة الشاعر المتنبيء الذي زار مصر ، وتعـرّض فيها للأمـرّين . فقال بها قصيدته الأشهر (عيد بأية حال عدت يا عيد) ؛ وجاء في بعض أبياتها:-
أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً ....
أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ

إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ .....
عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ

جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ .....
منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ
ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ .....
إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُــودُ

جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني .....
لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ

وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا ......

لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْـرِيّةُ القُــودُ