الجمعة، 8 أغسطس 2014

الرقص الأمريكي الكاذب على أنغام الإنسانية

الرقص الأمريكي  الكاذب على أنغام الإنسانية

مصعب المشرّف
8 أغسطس 2014م

إلفيس بريسلي .... رمز (الحضارة) الأمريكية

على طريقة رقصة ألـ  "روك آند رول " التي إبتدعها لهم مطربهم الراقص ألفيس بريسلي .. يأتي قرار الرئيس الأمريكي أوباما بإنزال مساعدات إنسانية للنازحين الأكراد والمسيحيين واليزيديين ؛ والعسكريين البشمركة المحاصرين في الجبال شمال العراق .. ثم وقصف جوي نوعي للحد من إستهداف داعش لهؤلاء المدنيين والعسكريين الحكوميين والبشمركة الفارين من مواقع القتال الدائر هناك ....


أوباما بريسلي
هذا القرار سيعني أن الولايات المتحدة ستتورط وتغرق شيئا فشيئا في تدخل عسكري واسع النطاق ؛ ربما يتوسع لاحقا لمرحلة إنزال مظليين لإدارة مناطق النازحين ..... وهو ما يرغب فيه (الشيعي) نوري المالكي في بغداد من جهة .. و(الكردي) البرزاني في أربيل من جهة أخرى.

 والسؤال الذي يطرح نفسه دائما هو لماذا هذه الإنتقائية الأمريكية ؟...... ولماذا إشترط أوباما صدور قرار ملزم من مجلس الأمن كشرط للتدخل لإنقاذ وحماية النازحين واللاجئين السوريين الفارين من نيران البراميل المتفجرة التي ترميها عليهم طائرات النظام الحاكم ؟ .....
ولماذا لم يشترط بالمقابل صدور قرار مماثل من مجلس الأمن لشرعنة قصف قوات التحالف السُـنِّي في العراق ؟ ... هذا التحالف السني الذي لم يكن أمامه من خيار سوى التشكُّل والتكوين ، والإنتفاضة المسلحة لمواجهة الإبادة وسياسات التركيع والإفقار والإغتصاب والتهجير الممنهج التي مارسها عليهم نظام نوري المالكي الشيعي الطائفي في بغداد بدعم مباشر من إيران وحرسها الثوري الطائفي.


ضحايا القصف اليهودي
ثم أين هذه الإنسانية والحنان الزائد عندما تعلق الأمر بالقصف اليهودي على السكان المدنيين في غـزة؟ ..... شيء لله والإنسانية في غزة يا شيخ أوباما ..

يقول البعض أن هذا القرار الأمريكي بتوجيه ضربات جوية نوعية ؛ ومسارعتها بإنزال أغذية يأتي بعد سيطرة داعش على بلدة قرقوش ذات الأغلبية المسيحية . والتي توصف بأنها المدينة الوحيدة التي تحتضن أغلب المسيحيين العراقيين......
لو كان الأمر كذلك ؛ فنحن إذن بإزاء ذات الدعوة االتي إنطلقت على أساسها الحملات الصليبية من أوروبا نحو بيت المقدس ، ومدن سواحل البحر الأبيض المتوسط  الشرقية في الشام سابقا (سوريا لبنان فلسطين اليوم). 


نوري المالكي 
تـرى هل أتى هذا القرار بسبب توصل الولايات المتحدة إلى تفاهم مع طهران بالتخلي عن دعمها لنوري المالكي ، وإختيار رئيس وزراء جديد بديلا عنه . وبما يجعل الطريق سالكا لتشكيل حكومة عراقية متوازنة بلا محاصصات طائفية ؛ والتكريس على المواطنة بدلا من الطائفة في كافة مرافق ومراكز وإدارات الدولة؟


فصيل من قوات البشمركة
أم هل يأتي هذا القرار بعد أن تكشف لجهاز الإستخبارت الأمريكي  هشاشة قوات الجيش العراقي النظامي ؛ الذي تحول بسبب قناعات الحرس الثوري الإيراني وسياسات الطرطور نوري المالكي إلى محض جيش طائفي فاقد للمعنويات الوطنية ؟
وكذلك الحال بالنسبة لقوات البشمركة الكردية ؛ التي لايبدو حالها بأفضل من جيش الطرطور نوري المالكي . وحيث تكشفت البشمركة مؤخراً عن أنها نمر من ورق تحت وقع شراسة داعش التي تتمتع بمعنويات فلكية تستمد وقودها من الماضي ؛ وترتكز على منجزات الجهاد الصحابي .... والفتوحات العُمَرٍيّة ، والرشيدية خلال فجر وضحى الإسلام.


داعـــــش
وهل يأتي القرار الأمريكي كموقف إستراتيجي مضاد لكل ما يمكن وصفه بأنه تنظيم " إسلامي جهادي " أو  " إسلامي سياسي " ؛ يسعى للإستقلال أو السيطرة على مقاليد الحكم ؛ سواء في كشمير أو أفغانستان أو الشيشان أو الصومال أو سوريا  أو فلسطين؟

أم هل يأتي قرار أوباما هذا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من إستثمارات شركة شيفرون السخية التي بذلتها ورشّتها كالماء في حقول كردستان العراقية . وإنهيار الآمال ببدء تدفق بترولي واعد من حقولها قدرته شيفرون بمليون برميل يوميا؟

واقع الأمر ؛ فإن دولة عظمى مثل الولايات المتحدة متشعبة المصالح الخارجية ... ومتعددة مراكز قوى في الداخل .. دولة كهذه لايمكن حصر مواقفها وردود أفعالها ، وقراراتها من وجه واحد ......

ولكن الذي يجب أن يعيه كل من يجلس على كرسي رئاسة وكالة الإستخبارات هناك. وكذا المكتب البيضاوي في البيت الأبيض ؛ هو أن التدخل العسكري سواء بالقصف من السماء أو بإحتلال الأرض تحت أقدام مشاة المارينز  ، والمدرعات والمجنزرات ...... كل هذا لايؤدي إلى النتيجة التي ترغب فيها الولايات المتحدة على المدى البعيد  . فالنار دائما تظل تحت الرماد .. ومن المحال فرض إرادة خارجية غير منسجمة مع شعب ما من جهة العقيدة والعرق واللغة .... ثم والقناعات والقيم والمثل .... والحضارة الإنسانية والمدارس الفكرية بوجه عام.
فبرغم كل الإمكانات السوبر التي توفرت لها . فقد فشلت الولايات المتحدة في كوريا وفيتنام وأفغانستان والصومال .. ولن تنجح بالضرورة ؛ وبأية حال من الأحوال في عراق الفقهاء التابعين ، والحَجّاج ، والحلاج  ، والجنيد ، والحسن البصري ، وأبي  حنيفة النعمان ، وعبد القادر الجيلاني ..... وجملة مدارس التابعين بإحسان إلى يوم الدين.