هـدأت
العاصفة ؛ ولكن الجايات أكتر من الرايحات
مصعب
المشرف:
لم
يكن الشعب السوداني غاضب وثائر ورافض لسياسات حكومة المؤتمر الوطني مثلما هو عليه
الآن بعد رفع الدعم عن المحروقات . والذي أدى لزيادات فلكية غير مبررة في الأسعار من
جانب المنتجين والتجار وفي قطاع المواصلات دون إتفاق وتنسيق مسبق مع الإدارات
والمؤسسات الحكومية المختصة ، وهو ما يعاب على الحكومة في المقام الأول .
وعلى
ضوء ما أنذر به وزير الإعلام خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه ووزير الداخلية ووالي
الخرطوم (مؤتمر بهرام) ؛ ذكر وزير الإعلام في معرض حديثه أن هذه الزيادة في أسعار
المحروقات تأتي كجرعة أولى ستعقبها جرعات أخرى أشد مرارة . وكذلك قال النائب الأول
علي عثمان طه..... وهو ما يؤكد أن هذه المرارة قادمة لاريب فيها.
ولكن
الذي لم تلتفت إليه حكومة المؤتمر الوطني أن مثل هكذا قرارات إقتصادية وإن كانت من
الناحية النظرية كفيلة بعلاج جانب من الأزمة الإقتصادية ؛ إلا أنه ليس بالنظريات
وحدها يجري حكم البلاد ومسايسة العباد.
هناك
ضرورات سياسية تضعها الحكومات أحياناً أمام عربة الإقتصاد للحفاظ على إستقرار
الأوضاع ، حتى وإن جاءت مخالفة لبعض القواعد والمسلمات والمعالجات الإقتصادية.
التعويل
على القبضة الأمنية وحدها غير مُجدي من جهة ؛ وتؤدي من جهة أخرى إلى عملقة وتنامي
سطوة جهاز أمن الدولة ليطغي بعد فترة على قيادة وإرادة الحزب الحاكم نفسه ... أو
بما يجعل المؤتمر الوطني في نهاية المطاف بمثابة المستجير من الرمضاء بالنار.
يتحدث
البعض ويتساءل عن السبب في هدوء العاصفة ، والفتور الظاهري الذي أصاب المحتجين عقب
تلك الفورة الشبيهة بفورة الأندروس التي أعقبت قرار رفع الدعم عن المحروقات ؛ ثم هدأت
دون أن تأتي أكلها سواء بإسقاط النظام أو إجباره على التراجع عن قراراته أو
حل الوزارة القائمة على أقل تقدير بوصفها
المسئولة عن هذه الأزمة الإقتصادية الكارثة.
ربما
تكون الأحوال قد هدأت ظاهرياً في الشارع . ولكن النار لاتزال تحت الرماد .
مثل
هذه الأحداث التي تشهد نزول المواطن إلى الشارع على هيئة إحتجاجات غاضبة تعتبر هزات مزلزلة ومعاول هدم تدريجي خطيرة ؛ وإن
كانت بطيئة المفعول ..
عملياً لاتلوح في الأفق إمكانية أن
يستطيع الأغلبية العظمى من المواطنين مقابلة تكاليف الحياة الراهنة بما يتوفر لديهم
من راتب بسيط ، حتى بعد الزيادة التي عادة ما تأتي أقل من مستوى التصاعد في الأسعار.
وهناك
قطاعات أخرى من الشعب تتأثر سلباً هي الأخرى بضعف القوى الشرائية بطبيعة الحال . ومن
هؤلاء أرباب المهن الحرة كالتجار والحرفيين والمزارعين والعمال .. إلخ....... وبما
يؤدي نهاية المطاف إلى معاناة جميع القطاعات المنتجة والعاملة في قطاع الخدمات.
الحكومة تعد بمساعدة الشرائح
الضعيفة لمواجهة آثار رفع الدعم .. ولكن الذي لا تتذكره الحكومة هو أن أغلب الشعب
هم في واقع الأمر شرائح ضعيفة أو ضعيفة جداً..... ومعنى ذلك أن مثل هكذا وعود لن
يكون بالإمكان الإيفاء بها واقعياً.
وينسى
المؤتمر الوطني في غمرة الأحداث أن يبدأ بنفسه قبل غيره لجهة الفصل بينه وبين
ميزانية الدولة العامة . وتقليص نفقات قادته وأمانته وكوادره .. والحد من ظاهرة توجيه
حصص مالية ليست بالضئيلة لدعم أنشطة طفيلية غير منتجة ؛ وكذلك إيقاف العطاء ببذخ
لشخصيات وصحف وقنوات تلفزيونية بلهاء مسطحة ضحلة ؛ تظل كل ما تمتلكه من مواهب يصب
في خانة المديح والتطبيل والرنين والطنين الذي لا يقدم ولا يؤخر ، ولا طائل من
ورائه طالما أن الواقع على الأرض لا يحاكي الأقوال جملة وتفصيلا... وهو ما يجعلها
في المحصلة النهائية خلايا تهريج وألسنة أكاذيب.
وكذلك
نتساءل دائماً لماذا تصف ألسنة حكومة المؤتمر الوطني نفسها ومسئوليها بالملائكية
والزهد الصحابي المطبوع ؛ ولا تلتفت إلى ضرورة المحاسبة الجادة لرؤوس الفساد (وما
أكثرهم) ، وتعمد جادة للقضاء على ظاهرة التكسب الحرام من الوظيفة العامة. وتفعيل
قانون (من أين لك هذا؟) الحاسم بدلاً من الإستغراق في حنايا (إقرارات الذمة)
الهلامية ، التي تكاد تقول للحرامي "أسرق وأقعد". بل ولا تصلح لوائحها سوى
للتطبيق في دول الغرب الأوروبي الذي تتمتع بالشفافية والمؤسساتية وحرية الصحافة
والتداول السلمي السلطة.
هناك
سرقات مال عام وقضايا فساد تحولت إلى قضايا رأي عام وشغلت البلاد والعباد ومنها
على سبيل المثال بيع حق هبوط سودانير في مطار هيثرو . وتكونت لجنة أخشى أنها لم
تجتمع حتى الآن ... فإذا كانت حكومة المؤتمر الوطني جادة في محاربة الفساد وقطع
أيدي لصوصها فعليها أن تقدم هؤلاء للعدالة
الناجزة بدلاً من الإنشغال بمطاردة بائعات الشاي والكسرة ، وجلد النساء والفتيات
الفقيرات عديمات السند ومن لا ظهر لهن لمجرد الشبهة والهوية ، أو لأسباب سياسية.
في
كل البلاد الأفريقية والعربية والعالم الثالث المتخلفة إعتاد الناس أن يسرق الرئيس
وأولاده وأصهاره وبعض الوزراء السياديين فقط .. ولكن في السودان يبقى الحال أغرب
من الخيال ، وعلى طريقة (لا يحدث إلا في السودان) حيث تسود ظاهرة إنغماس أولاد
وبنات وأصهار الوزراء في إستغلال نفوذ آبائهم وأمهاتهم وشقيقاتهم لتلقي العمولات
بغير وجه حق. وعلى حساب أمن البلاد الإقتصادي والقومي ، والتورط في تهريب العملات
الحرة خارج البلاد داخل حقائب حمولة راكب.
وقديماً
كانت وسائط المعلوماتية غير متوفرة على النحو الذي عليه الآن . ولكن اليوم ليس
كالبارحة ، فقد أصبحت أبسط عملية تهريب أو ترويج أو قبض عمولات بغير وجه حق يتم
إكتشافها بسهولة ورصدها ومتابعتها، ونشرها بحرية وسرعة مذهلة عبر وسائط
المعلوماتية ... وعما قريب ستتحرر هذه
الوسائط أكثر فأكثر . وسيصبح إستقبال خطوط الإنترنت متاحاً للجميع مثل موجات
الراديو القصيرة اليوم.
والمشكلة
التي يواجهها السودان اليوم ليست إقتصادية بالمعنى الأكاديمي الفني للمصطلح ..
ولكن المصيبة أنه أصبح على شفا الإفلاس والتحول إلى دولة فاشلة بمعنى الكلمة ..
وكل هذا يجيء محصلة منطقية لتفشي
ظاهرة سرقة المال العام ، وحيث لا يكتفي اللصوص بسرقة الملايين بقدر ما ذهبوا إلى
تكديس المليارات في تسابق محموم وبدمٍ بارد يثير الدهشة والذهول .. أو كأنّ هؤلاء
لم يسمعوا بموت وعذاب قبر ، وبعث وحساب ونار جهنم ؛ وأخالهم لايزالون على دين وخطى
وقناعات أبو لهب وأبو جهل وأمية بن خلف.
ثم أن الأغرب من كل هذا وذاك أن تعترف حكومة المؤتمر الوطني على لسان
الرئيس البشير تارة ؛ وعلى لسان النائب الأول تارة أخرى بأن هناك أزمة إقتصادية ..
ثم لا تنزع إلى حل الوزارة القائمة وتشكيل وزارة أخرى جديدة .... !!!!
إعتراف رئيس الدولة بوجود أزمة إقتصادية هو محصلة طبيعية لفشل الحكومة
الراهنة .. وأقل ما يجب هو حلها بقرار جمهوري ، وتشكيل وزارة جديدة تأتي بوجوه
جديدة عسى ولعل الناس يتفاءلون بها ..... اللهم إلا إذا كانت الأزمة الإقتصادية
هذه قد تسبب بها الشعب السوداني وهو لا يدري ....
لقد
أفلح إعلان الحكومة توقيع البشير على صرف الزيادة في رواتب موظفي الحدولة إعتباراً
من أول يناير 2013م .. أفلح في تخفيف إحساس هؤلاء بآثار رفع الدعم عن المحروقات
الذي إستشرى على إثره الغلاء فشمل كل شيء ..... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:
ثم ماذا بعد أن بتبخر مبلغ هذه
الزيادة المتراكم منذ أول يناير حتى أول أكتوبر؟ ......
ساعتها
وعما قريب جداً ؛ ستذهب السكرة وترجع الفكرة . فتعود ريما إلى عادتها القديمة
وسيفرش الموظف الحكومي راتبه الشهري العادي المحدود على الطاولة أمامه ؛ ليفاجأ
بإستحالة الأكل والشرب به لمدة أسبوع واحد ناهيك عن مقابلة أعباء الحياة ونوائب
الدهر به شهر كامل.
فإذا
تحدثنا عن آلية السوق وما تحققه من توازن ذاتي في مجال الأسعار وفقاً للعرض والطلب
. فإن مثل هذه الآلية قد تصلح فقط بالنسبة للسلع المنتجة محلياً .. ولكن المشكلة
أنه وفي بنية إقتصادية متخلفة غير مكتفية ذاتياً كالتي لدينا . فإن الوفرة في
السلع المنتجة محلياً (على قلتها) تظل موسمية تتفاوت بالزيادة والنقصان في كل عام
عن العام الذي يسبقه بمقدار الطلب في العام السابق له .. أو بمعنى أبسط وعلي سيل
المثال فإن المزارع الذي يزرع ويحصد السمسم كمنتج خام هذا العام بوفره ويبيعه
بأسعار منخفضة . سيحجم عن زراعة نفس المساحة في الموسم القادم (لتخفيض التكلفة
وتعويض الخسارة) مما يؤدي إلى نقص الإنتاج وإرتفاع أسعار زيوت الطعام.
وحتى
يحقق الإقتصاد السوداني الوفرة في الإنتاج الزراعي . فإن الأمر يتطلب جهوداً
وتخطيطاً وشفافية وحزماً لا نرى له جوانب مشرقة أو واعدة على أرض الواقع ؛ في ظل
فساد مستشري يشمل كل شيء من تدمير ممنهج مقصود لبنية مشروع الجزيرة ، وغيره من
مشاريع آلية ومطرية منتجة بغرض بيعها بأسعار زهيدة في نهاية المطاف لملاك جدد
لتكريس إستراتيجية التمكين . ثم وعمولات وسرقات في مجال جودة التقاوي والأسمدة
ومكافحة الآفات الزراعية والري ...وهلم جراً من وجوه ومستلزمات ومقومات الإنتاج
الزراعي.
كذلك
يشهد إدارة نشاط الإستثمار الأجنبي مفارقات مضحكة مبكية مخجلة يندي لها الجبين
كثيرا ؛ غير تلك الأحوال التي تم الإعتراف فيها رسمياً بأن الموظف يتقاضى عمولات
من المستثمر .. فأراضي المواطنين تصادر لتباع للمستثمر الأجنبي الذي يستعين
بالقروض من البنوك السودانية المحلية (نظير دفع عمولات) . ثم نفاجأ بهروب المستثمر
الأجنبي بعد أن يبيع الأرض إلى سماسرة . يبيعونها بدورهم إلى مستثمرين الغفلة والوعد
الكاذب .. وهكذا تظل ساقية جحا تدور لتملأ من أموال كل السودان وتفرغ في جيوب
الأجنبي المحتال ؛ والعدد القليل القليل من بعض سماسرة ولصوص السودان ... وتبقى
الأراضي معلقة ... كل هذا في الوقت الذي تحجم فيه هذه البنوك المحلية عن إقراض
المزارع والمستثمر المواطن بحجج واهية عن سبق إصرار وترصد .. وكل القصة (لو عارفين)
أنّ هذا المواطن لا يدفع عمولات لكبار موظفي ومدراء البنك.
وعلى
صعيد آخــر ...... :
علي
كرتي وزير الخارجية تحدث مؤخرا عن أن هناك إتجاه خارجي قوي لدعم السودان ....
والواقع أن علي كرتي قد سافر خارج السودان وألقى كلمة البلاد في الجمعية العام
للأمم المتحدة فخامره إحساس بالتفاؤل على وقع قول الإمام الشافعي :- "سافر
ففي الأسفار خمسة فوائد" ...
ولكن
الواقع الذي ينتظر علي كرتي في الخرطوم يظل مختلفاً عن ذاك الذي راود خياله وسط
السحاب ورحابة الترحال . وحيث لايمكن
التفكير في دعم خارجي فاعل دون الأخذ في الإعتبار أن عزلة السودان الدولية لاتزال تراوح
مكانها . وستظل قائمة على ضوء إصرار الولايات المتحدة عدم رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب
. وعلى وقع مطالب بانكي مون ومجلس الأمن والدول الكبرى ضرورة تسليم رئيس السودان
نفسه للمحكمة الجنائية الدولية لمواجهة تهم تتعلق بالإبادة الجماعية والمساس بحقوق
الإنسان في دارفور .. ثم وما يثار حالياً من جدل وإستهجان للطريقة العنيفة التي
واجهت بها الحكومة السودانية إحتجاجات رفع الدعم .
كذلك
خرجت أصوات (حالمة) تنادي بأن يسعى السودان لتكريس علاقات قوية مع دول الخليج
العربي .. وتنسى هذه الأصوات أن العلاقات السودانية الخليجية لن تتحسن طالما ظلت
حكومة البشير على علاقاتها الحميمية مع طهران . ولن تتحسن طالما كانت علاقات
السودان سيئة مع الولايات المتحدة ... وبوجه عام فإن علاقات الخرطوم الحميمة مع
طهران أدت إلى علاقات حميمة وتعاون عسكري وإستخباراتي مع سوريا وحزب الله وحماس ..
وهكذا كرّت حبات السّبحة من سيء إلى أسوأ في علاقات الخرطوم مع دول الخليج العربية
التي تواجه مخاطر حقيقية جراء تدخلات حزب الله الإرهابية في تلك المنطقة ......
ويبقى
على حكومة البشير القناعة التامة بأن الدول الخليجية العربية مجتمعاً واحداً وكتلة
واحدة لاتحتمل التجزئة في التعامل معها ..... وتظل هذه الدول مجتمعة جادة في
معالجة الصراع الذي فرضته عليها إيران الخميني ومخلب حزب الله اللبناني .....
وأما
عن العلاقة الإستثناية مع دولة قطر فلعل تاريخ الخارجية القطرية يوثق أنه كانت
لقطر علاقة متوازنة مع إيران حتى أبان حربها مع العراق . وهو مايشير إلى أن لقطر
سياسة خاصة لكنها لاتخرج عن فلك شقيقاتها الخليجيات . ومن ثم فلا تشكل علاقتها المتميزة
مع حكومة البشير مقياساً للرضا الخليجي العربي العام ..
ثم
إننا لانرى لهذه العلاقة مع قطر التي يحتفي بها المؤتمر الوطني حتى اللحظة نتائج
مثمرة على أرض الواقع ؛ سواء في دارفور أو على نطاق الإستثمار في المشاريع
الإنتاجية الإستراتيجية ..
وربما
يظل الإستثمار الكويتي هو الوحيد المثمر والجاد في ربوع السودان . لكنه لا يوثق
كإنجاز للمؤتمر الوطني . ولا علاقة له ببرود أو دفء العلاقة بين الحكومات ......
وكل محاولة من جانب حكومة المؤتمر الوطني لتوظيف الإستثمار الكويتي سياسيا
لمصلحتها ستكون مكشوفة ومن قبيل الإستهلاك المحلي ... وننصح (شباب) أمانة الحزب في
هذا الصدد بأنه إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب..... وربما من الخير أن
ننعش ذاكرة (شيوخ) الأمانة العامة لحزب المؤتمر الوطني أن أي راعي أغنام في فيافي
السودان يدرك إدراكاً نافياً للجهالة أن الإستثمار الكويتي في السوداني قد بدأ قبل
مجيء الإخوان للسطلة بزمن طويل جداً . وشهد أوج نشاطه وإستقطابه على عهد جعفر
نميري.
من
جانب آخر أعلن وزير المالية (علي محمود) أنه سيسافر إلى واشنطون على أمل إقناع
صندوق النقد والبنك الدولي بشطب أو تخفيض ديون السودان .. وهو حلم نراه بعيد
المنال .... سنسمع جعجعة ولا نرى طحناً .... وسيعود وزير المالية ليدلي بتصريحات شبيهة
بأحلام وزير الخارجية علي كرتي .......
البعض
الآخر يذهب بعيداً ويرجع بعد اللفة بالصينية ليخرج علينا بفكرة تشكيل تجمع أفريقي
لممارسة ضغوط على الغرب بغرض شطب أو تخفيض الديون .... والواقع فإن الدول
الأفريقية لاتمتلك القدرة أو الآلية والأدوات التي تؤهلها لممارسة ضغوط على
المجتمع الدولي حتى وإن تكتلت ورغبت في ذلك .. فهي أولاً دول متخلفة سياسياً
وإقتصادية تفتقر إلى المؤسساتية وعوراتها مكشوفة من الأمام والخلف بشأن إلتزام
الديمقراطية والمؤسساتية والشفافية والحريات التي تتمتع بها شعوبها... وهي إذن
بحاجة إلى تنفيذ الكثير من الإصلاحات الجوهرية لكسب إحترام العالم ناهيك أن تواجه
هذا العالم وتمارس ضغوطاً عليه كما يتوقع الحالمون .
الخلاصة
إذن أن التفكير في حلول سحرية خارجية معينة في هذه الظروف التي تفرض على الحكومة
السودانية عزلتها لن تجدي .. ويبقى المستقبل في مهب الريح ومتعلق بكف عفريت طالما
ظلت المعالجات الداخلية لا ترقى إلى مستوى الواقع .. والمؤسف بعد كل هذا وذاك أن
جهابذة هذا النظام "الإسلامي" يبدو وكأنهم لم يسمعوا بقوله عز وجل في
محكم تنزيله من الآية 11 في سورة الرعد : "
إِنَّ
اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"