لطمات
الفريق بكري تنعش آمال الشعب بالإصلاح
مصعب
المشرّف:
الفريق بكري حسن صالح
تفاصيل
ألــــ action الثوري من فئة "الوزن الثقيل" الذي
صدر عن النائب الأول الفريق بكري حسن صالح خلال المقابلة التي جرت في مكتبه مع عضو
مجلس الإدارة المنتدب لشركة سكر كنانة وتناقلتها وسائط المعلوماتية .... هذه
التفاصيل إن كانت صحيحة . فلاشك أنها تستاهل ردود الأفعال الترحيبية التي قوبلت
بها وسط قطاعات واسعة من الشعب في الشارع العام .... وكذا الهلع الذي أصاب الكثير
من الأفندية والباشكتبة في كافة الدوائر الحكومية ... وكان الله في عون كل من
يتلقى لطمة من يدِ بحجم وكتلة يد الفريق بكري
التي لا يختلف عاقلان في أنها تخلع الضروس وتكسر الفك ؛ ويترنح المكفوت من
جرائها كما الذي يتخبطه الشيطان من المس قبل أن يسقط مغشياً عليه فوق الأرض.
هذه اللطمة التي علت وجه وجبين متلقيها ؛ قيل
أنها جاءت على خلفية قناعة الفريق بمسئولية المكفوت المباشرة عن إختفاء مبلغ 5
مليون دولار من خزينة الشركة الأكبر من نوعها في السودان .
الشعب
يغلي في الخارج .. والنار تشتعل فيه تحت الرماد .. وقد أصبحت حكاوي الفساد يومياً
كأحاجي الحبوبات قبل النوم كل مساء
ولأجل
ذلك جاءت هذه اللطمة الثقيلة برداً وسلاماً على قلب الشعب ؛ وصادفت إستحساناً وتصفيقاً
منقطع النظير من جانب قطاعات واسعة من جماهير السوداني الذين فاض بهم الكيل ؛ وبلغ
السيل منهم أرنبة الأنف ؛ بسبب السرقات والنهب المنظم لأمواله العامة ؛ ولدرجة
أصبحت فيها سرقة المال العام وكأنها فخر الرجال وشرف النساء في عصر "المشروع
الحضاري" السيء الذكر ، وتبريرات مقتضيات التمكين الذي لايوافق الشرع والهدي
السماوي أو القانون الوضعي ....... وحيث لا تمكين شرعاً لفئة دون غيرها في بلد
يكاد يكون 99% من تعداد شعبه من المسلمين.
واضح
من ردود أفعال الفريق بكري أن حكاية الموظف الهندي لم تنطلي عليه ... وأنه قد وجد
فيها "فيلم هندي" لا يصدقه حتى الهندي نفسه. فكان ما كان .. وغداً ستعود
الخمسة ملايين دولار تمشي على إستحياء ، لتدخل مرة أخرى في بيت طاعة الشعب وذمة حسابات
الشركة.
ذبح
الفساد من الوريد إلى الوريد والقضاء عليه قضاءاً مبرماً يظل مطلباً من ضمن قائمة
المُحال .... ذبح الفساد من الوريد إلى الوريد لم تتمكن حتى الخلافة الراشدة من
تحقيقه على علاته ...... ولكن محاصرته والحد منه إلى أقل ما يمكن هو الممكن بعينه ،
طالما خلصت النوايا واستيقظت الضمائر في الدرجات العُـلا من نظام وترويكا الحكم
والسلطة.
ومما
لاشك فيه أن محاربة الفساد ومحاصرته ...
لاشك أنها ستكون هي السبيل الوحيد أمام الفريق بكري لتوطيد مكانته وخلق كاريزميته
. ولإثبات أنه الأحق والأجدر بمنصبه ، ويضعه حاضراً ومستقبلاً على قائمة القليل من
الرجال الذين حفروا لأسمائهم سطوراً من نور في صفحات تاريخ السودان الناصعة العريضة
.
ليس
هناك أفضل من رجل (ثوري) يرعب كل اللصوص ، ويرتعش تحت قدميه الخونة والحرامية . ويُرغم
كل الثعالب على الإنزواء داخل جحورها ..... ثم ويعيد الحق إلى نصابه بقوة ومشروعية
السلطة عوضاً عن سلحفائية وخروقات لوائح الخدمة المدنية والتذرع بتكوين لجان ، ووعود
منبرية بإجراء تحقيقات يعرف الناس أنها لن تجد طريقها للنور أو التفعيل إعتماداً
على مقولات بأن الناس تنسى ..... ربما
ينسى الناس كثيراً .. لكنهم وفي كل الأحوال لا ينسون من يسرق منهم أموالهم وينهب
ثرواتهم ، ويتغول على حاضرهم ومستقبل أبناءهم.
وعلى
الرغم من أن هذه اللطمة قد جاءت متأخرة .... إلاّ أنه وفي كل الأحوال فإن مجيئها متأخرة خيرٌ من
أن لا تأتي أبدا..... ويبقى السيف دائماً ؛ أصدق أنباءاً من الكتب في حَـدّه
الحَـدّ بين الجــدّ واللعب.
لا
نتوقع من الفريق حركات سينمائية على نسق أفلام رامبو لا تجد من تستأسد عليه سوى
ستات الشاي والشماسة والباعة الجائلين .
فساد
التجار واضح ومقدورٌ عليه . وألاعيب السماسرة والمقاولين عديمي الضمير يمكن كشفها
وتقديمهم للمحاكمة الجنائية .... ولكن يبقى الأخطر دائماً هو فساد المسئول الحكومي
والعام ، والإدارة التي تتولى التحكم في مصارف أموال الشعب وتنوب عن الشعب في
صيانة وحفظ مصالح البلاد والعباد وتحديد منافذ ومقادير الجبايات ...... هذه هي
الشريحة التي ينبغي التركيز عليها اليوم ؛ ووضعها مباشرة تحت أعين الصـقـر ؛ ومن
واقع أنه إذا صلح الراس صلح البدن وإن فسد الراس فسدت سائر أعضاء البدن.
حبذا
لو جعل الفريق بكري من هذه البادرة الحسنة "ضربة البداية" التي تقدمه إلى
الشعب بكاريزمية من هو قادر على تحجيم ظاهرة الفساد المتفشية . وضبط الإدارة
الحكومية ؛ والضرب على كل سائب ومتسيب بيد من حديد غير مغلولة ولا مرتعشة أو
مسلوبة الإرادة والحركة.
لقد
أثبتت السلاسة والسهولة والبساطة التي جرت بها التغييرات الوزارية الأخيرة ومرورها
مرور الكرام .. أثبتت أنه لا جماهيرية لأحد ولا كاريزمية لأحد ، ولا خصوصية لأحـد
... وأن الذين ذهبوا كانوا محض أفندية .. وأن الذين جاءوا هم أيضاً أفندية .
وبالتالي
فلا خوف على النظام القائم من ردود أفعال أحد ، أو بما يستدعي أو يبرر السكوت عنه وتمرير مساوئه ، وإسباغ
مراسيم العفو الرئاسي على جرائمه ، وغض الطرف عن سرقاته وفساده هو وأتباعه ومحاسيبه من المسئولين ضمن إدارته.
وهو ما يعني أن الطريق قد أصبح معبداً وسالكاً
أمام الإصلاح دون إعتبار لأوهام بأن لهذا مراكز قوة ، وأن لذاك جماهير ستخرج لأجله
إلى الشارع ..... إنتهى عصر الزعامات السياسية والجماهيرية . ونعيش الآن عصر جديد هو
"عصر الدولة" .... يستمد فيه الموظف العمومي والوزير قوته من أصالة معدنه وصدقه في نفسه ومع
غيره ... ومدى ما يقدمه للناس من صالح الأعمال في دنياهم ومعاشهم ... فلا قبيلته
ومشيخته توفر له الحماية ؛ ولا جهويته تحقق له الخصوصية ليعبث كما يشاء ، وينهب ما يشاء ،
ويصادر من حقوق العامة كما يحلو له ويرغب دون وازع أو رقيب وحسيب..... وعليه في كل
الأحوال أن يظل على قناعة بأنه إن قعـد أو طار
فليس سوى أفندي.
وليت
الفريق بكري صالح يلتفت إلى الملفات القديمة ، لاسيما تلك التي لا يمكن التعامل
معها من باب عفا الله عما سلف . فيعمل على إعادة فتحها والتقصي عن كثير من
المسروقات بهدف إعادتها ؛ وعلى رأسها الخطوط الجوية السودانية ؛ وأصول مشروع
الجزيرة التي تبلغ قيمتها السوقية الحاضرة مليارات الدولارات ؛ والمدينة الرياضية
.. وغيرها من مشاريع ومؤسسات عامة نهبت فيما مضى ؛ ولكن لا يزال الإمكان إعادة الأمور
فيها إلى نصابها.
وهناك
إدارات تهيمن على الجبايات بشتى أنواعها . ومنها على سبيل المثال لا الحصر
"إدارة أموال الزكاة" .... ونرى هذه الإدارات تتصرف كما يحلو لها فتحدد
المنافذ والمصارف لمواردها المالية والعينية دون رقيب ولا منطق ولا حسيب .. وهو ما
يتطلب إعادة النظر في القوانين واللوائح المالية والإدارية التي نشأت على ضوئها ، والسلطات
التي منحت لها ... فالمال السائب يعلم السرقة .... والمال الفائض يحرض على زعزعة
النظام والتمكين لنشوء مراكز القوى الخفية عبر تكريس وبناء شبكة معقدة من المصالح
الرأسية والأفقية العريضة ... أو كأنها مافيا من نوعٍ آخر موازية لقمة هرم السلطة
داخل القصر ؛ فتعرقل كل جهود الإصلاح والتغيير حفاظاً على مصالحها الذاتية....
ولعلنا لا نزال نتذكر كيف أن كثيراً من توجيهات وقرارات رئيس الجمهورية بشأن
جبايات الأسواق والطرق القومية ، لم تجد طريقها للسمع والطاعة حتى تاريخه رغم أنها
صدرت منذ بضع سنين.
نحن
لا نطلب من الفريق المستحيل .... ولكن أن يسعى خيرٌ من أن لا يسعى .... وستظل
"المحــاسبــة" الثورية الناجذة الفاعلة مطلباً جماهيرياً ملحاً. وأقل
ما يمكن أن يطالب به هذا الشعب المظلوم الذي تألم كثيراً وبكى كثيراً وصبر طويلاً
. وعانى الغبن وضياع الحقوق على نحو فاضح .