محمد سلاّم ؛ أطربنا وأشجانا
ولكن ظلمناه
مصعب المشرف:
مقــدمــة:
دائماً
ما يتساءل الناس لماذا الإهتمام الإستثنائي بالمبدع بعد وفاته فقط ؟ .. والذي يمكن قوله هنا أن الإنسان لا
يكتب تاريخه بنفسه أو أثناء حياته .... الإنسان يصنع تاريخه بنفسه من مولده حتى مماته
. ويتداول أو يكتب الآخرون هذا التاريخ بعد مماته بحسب الوقائع والظروف التي أحاطت
بمراحل حياته..
أما
الكتابة عن إنسان ما خلال حياته فإنها تظل دائما مجرد "سيرة ذاتية" قاصرة وشهادة
مذبوحة من الوريد إلى الوريد عديمة المصداقية بسبب تأثير تواجده ، وأن الجمل لا يعرف عوجة رقبته .....
إضافة إلى كون أن عطاءه سلباً أو إيجاباً
لا يزال مستمراً ؛ وقابل للتجديد والتعديل
والإصلاح والتخريب طالما لم يلفظ أنفاسه الأخيرة . أو كما قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه
وبينها إلاّ ذراع ثم يدركه ما سبق له في الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن
أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يدركه ما سبق له
في الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها".
المرحوم محمد ســـــلاّم:
الفنان المبدع محمد سـلاّم
الفنان
المبدع الراحل محمد سلام رحمه الله يبدو كل ما يحيط به متفرداً نسيج وحده دون غيره
من مطربين عاصرهم ، سبقوه ، سبقهم .....
وقبل
كل هذا وذاك كان التفرد في دخوله عالم الفن وإغترابه وعودته التي قوبلت ببرود
وإجحاف غير مبرر من جانب الأجهزة الإعلامية من تلفزيون وإذاعة ... كانت هذه هي
الأخرى أكثر غرابة من غيرها عند المقارنة مع فرص أخرى منحت لمطربين غيره إغتربوا
وعادوا . بعضهم إستطاع اللحاق بقطار الفن المتجدد وآخرون فاتهم هذا القطار لعدة
أسباب . ومنهم على سبيل المثال عبد الكريم الكابلي ، وردي ، البلابل ، عبد الرحمن
عبد الله ، عبد العزيز المبارك ، مجذوب أونسة ، مصطفى سيد أحمد ، الموصلي ، عبد
الله البعيو ، سيف الجامعة ..... والقائمة تطول ما بين مبدع شهير ؛ وهامشي خامل
الذكر.
وإذا
كنا نوجه اللوم والتأنيب لأجهزة الإعلام التلفزيوني والإذاعي بسبب تجاهلها
وإعراضها عن محمد سلام بعد عودته من ليبيا ؛ فإن اللوم والتقريع يقع اثقله على الأجهزة
الإعلامية في ولاية الجزيرة ؛ حيث نشأ محمد سلام وترعرع وأعطى من شبابه الكثير
لمدينة مدني خاصة والجزيرة عامة..
ظهور
وإختفاء محمد سلاّم:
المطرب والملحن محمد سـلاّم .. البدايات الأولى
ظهر
محمد سلام في سن مبكرة أوائل سبعينات القرن الماضي من خلال شاشة تلفزيون الجزيرة
الذي يغطي منطقة الجزيرة المروية وأجزاء من البطانة ويبث إرساله من مدني ما بين
السادسة مساء وحتى التاسعة تقريبا ؛ قبل أن يقترن بتلفزيون أمدرمان لبث نشرة
الأخبار الرئيسية وبرامج السهرة وحتى نهاية الإرسال .. وكذلك صاحبت تلك الفترة نشأة "إذاعة محطة
إرسال ريبا" التجريبية الحديثة الأجهزة . فأظهرت الكثير من مواهب محمد سلام
الصوتية واللحنية ..
تمتع
محمد سلام بموهبتي التلحين والغناء في آن واحد .. وكانت ألحانه التي قدمها نابعة
من بيئة الجزيرة واصفة لإنسانها في المدينة وأطرافها وعشوائياتها .. وللقرية
والريف والخلاء الطيني الممتد .. ولم تغفل موسيقاه حتى عن مخاطبة سحب الصيف
والخريف . وإستخلاص رائحة جروف النيل الأزرق المشبعة بطمي الهضبة الإثيوبية المتجددة
المترسبة على إمتداد مجراه العميق .. وكذلك جاءت كلمات أغنياته التي حرص على
إختيارها بدقة لتتماشى مع هذه الألحان المعبرة عن صميم بيئة إنسان وأرض وسماوات
الجزيرة التي دائما ما تراوحت بين الجميلة من جهة والحنينة من جهة أخرى . وحيث لا
يعرف الجدب والجوع والعطش والإقتتال لأجل الماء والثمرات والمرعى الطريق
إليها..... وهذه الوفرة جعلت من إنسان وحيوان هذه الرقعة الجغرافية ميالاً دون
غيره إلى الإستقرار والموادعة والطيبة ؛ والإنفتاح والتوازن النفسي الذي قلّ أن
تجد له نظيراً مطابقا له في غيره من أقاليم وجهات البلاد.
وللأسف
الشديد فإن البعض من الجيل الحديث داخل السودان ناهيك عن خارجه لا يعلم كثيراً عن
محمد سلام ؛ ومنهم من لم بسمع به أصلاً . والسبب في ذلك يُعزى إلى سفر محمد سلام
إلى ليبيا وإغترابه الطوعي بها لأكثر من عشرين سنة . فكان حتماً أن يؤدي ذلك إلى
إنقطاعه عن تقلبات المجتمع وهمومه وقضاياه اليومية ؛ ومستجدات الحراك الفني الذي
شهد دخول أجيال جديدة في مجال الأجهزة والإدارات الإعلامية . وكذلك تغيرت يعض المفردات
في كلمات الأغنية الحديثة ، والموسيقى وطرق الأداء على يد مصطفى سيد أحمد من جهة ؛
ومحمود عبد العزيز من جهة أخرى . واستجدت مفاهيم وقناعات الشباب المُلاحق للأغنيات
في زمن عصفت بالنسيج الإجتماعي الضوائق
الإقتصادية والحروب الأهلية والتشرد ....
ولكن
وفيما يتعلق بتأثير المستجدات هذه على إبداع محمد سلام الجديد عقب عودته من
إغترابه .. فإن الواقع يشير إلى أن محمد سلام لم يمنحه أحد الفرصة كي يقول كلمته
ويفصح عن رؤيته كمبدع ؛ بسبب أن الأجهزة الإعلامية تجاهلت محاولات محمد سلام عرض
جديد إنتاجه من خلالها وبأسلوبه وقناعته هو .. ولأجل ذلك فإن الخوف كل الخوف أن
يترك هذا الجديد الذي جاء به محمد سلام لعبث التنابلة ولصوص الأغاني المرددين
الببغاوات ، الذين لا يحسنون نطق اللغة العربية بطريقة صحيحة ، ولا يضبطون مخارج
الحروف ، ولا يفهمون الفرق بين الفاعل والمفعول به والتفخيم والتعجيم ؛ ومتى يكون
ذلك ومتى يجب تحاشيه . ومنهم من لا يفهم معاني الكلمات التي يرددها ؛ إضافة إلى
ظاهرة عدم إمتلاكهم الإحساس العاطفي الصادق البعيد عن الماديات والجنيهات ومختلف
ما هو سائل وثابت ومنقول.
لقد
كان من حق محمد سلام مثله مثل غيره من المخضرمين أصحاب المكتبات الغنائية السيادية
أن يتم إستدعائه ومنحه الفرصة كاملة وعلى أوسع نطاق ليقول كلمته وشهادته على العصر
بجديد ألحانه وكلمات أغنياته وأسلوبه الخاص في التعبير ونقل الإحساس إلى الغير ..
وكذلك بإعادته صياغة وتوزيع ألحانه القديمة بعد توافر أكثر من عازف أكاديمي متخصص
وآلات حديثة دخلت مجال الأغنية السودانية في خلال السنوات العشرين الممتدة ما بين
خروج محمد سلام وعودته .
سيبقى
تجاهل وإعراض الأجهزة الإعلامية لمحمد سلام علامة إستفهام ممتدة الأثر والنقاش
ووصمة عار في جبين هذه الأجهزة من إذاعة وتلفزيون ... هذه الأجهزة التي يبدو أنها
إنصرفت إلى التعامل مع المبدع وفق لوائح وقوانين الإحالة إلى المعاش و (الصالح
العام) التي يجري تطبيقها في حق
الأفندية والعمال...
ولعل
البعض قد كان على حق حين شرعوا يتساءلون ساخرين عن السبب الخفي وراء هذا الإعراض
والتجاهل في حق محمد سلام حتى على مستوى الإعلام الحكومي . وما إذا كان السبب هو
مطالبة وزارة المالية وجهاز المغتربين لمحمد سلام بتسديد متأخرات ضرائب وزكاة
ورسوم وتبرعات ومساهمات بأثر رجعي قبل السماح له بممارسة أي نشاط وتجديد بطاقات أم
ماذا؟
ليت
محمد سلام كان عرّافاً وضارب رمل ويتقن أسرار البروج ... ربما لكان قد وجد لإبداعاته المتفردة طريقاً
آخر .... وكأني في هذه الظروف التي عاشها محمد سلام من ظلم بلاده له .. كأنّي به قد تذكّـر كلمات أغنيته "عـــرّاف"
التي تقول :
مالك يا زمن بقيت بتخاف
أريت الغيب عندك ينشاف
كنا أقـلّـه عملنا حساب
عشان ما نضيع زي الآلاف
ــــــــــــــــ
غدار يا زمن وطبعك جاف
كتير قاسينا معاك أصناف
غلاوتك لينا بقت أطياف
تدور وتداري بينا ضفاف
ـــــــــــــــــ
جنينا الصـد لقينا جفاف
عبرنا دروب زمن بنخاف
يغالب فينا قليب شفاف
يضيع عثرة ضياع وتلاف
ــــــــــــــــــــ
أريت يا زمن أكون عـرّاف
أشوف يوم بكرة الما بنشاف
مـرّة تهدي مرّة تودي
مراكب ريدنا بدون مجداف
مكتبة
محمد سلام الغنائية:
وفي
هذا السياق فإن البعض من العامة يظن أن محمد سلام لا يمتلك سوى أغنية واحدة هي
"إتعزّز الليمون" .. وهذه كارثة أصابت إنتاج وسيرة هذا المطرب الشامل في
مقتل . وجعلت البعض يزهد في متابعته أو قراءة أخباره واللقاءات الصحفية رغم كثرتها
التي أجريت معه خاصة عقب عودته النهائية مؤخراً ، والتي لم يجد فيها إستقبالا أو
إحتفالا ينتظره في مطار الخرطوم .. بل لم يجد سوى التجاهل ثم الإعراض من جانب أجهزة
البث الإذاعي والتلفزيوني الحكومي والخاص
وكأنّه جاء يحمل القذافي وإرث القذافي في خاصرته .. والأمر بالفعل يظل غير مفهوماً
. وتعشعش حوله أكثر من علامة تعجب وإستفهام ...
وعلى
الرغم من إهتمام الصحافة الورقية بمحمد سلام وعودته وجديد إنتاجه ؛ إلا أن صفحاتها
المشبعة بالأحبار السوداء الصامتة الحروف لا تشكل النافذة الطبيعية الأكثر
إنفتاحاً وإطلالة ًعلى الجمهور بالنسبة للمطرب . فالحوش الطبيعي الذي يجد فيه
المطرب طريقه إلى آذان وقلوب الجماهير إنما يتمثل في الإذاعة والتلفزيون والحفلات
العامة والخاصة . والتي بدورها تعتبر الأقل كلفة بالنسبة للجمهور المهتم بسماع
الأغنية . لاسيما وأن نافذة "اليوتيوب" تظل مكلفة بالنسبة للشباب من غير
أبناء الأثرياء وذوي المداخيل المرتفعة في بلد فقير يعاني شعبه ضائقة إقتصادية
خانقة تتجاذب عقله ومزاجه من جهة و خواء معدته وحاجاته الضرورية من جهة أخرى.....
وكذلك يسري الحال على أسعار الأسطوانات وأجهزة تشغيلها والطاقة الكهربائية .... وحتى
إشعار آخر.
أغلب
الظن أن مسألة تقديم مطرب مّا من خلال برنامج منوعات مّـا ؛ أو إستضافته لتقديم
أغنياته قد أصبحت في هذا العصر "تجارة" . ودخلت بين ضلوعها وحناياها العمولات
والبخاشيش والهدايا ، وكل الطرق والوجوه التجميلية لقباحة وتشوهات البيزنيس الغنائي
الذي يسيطر عليه منتجو الأسطوانات الذين يهمهم الترويج للمطربين المتعاقدين معهم فقط
. فيستغلون نفوذهم لدى الأجهزة الإعلامية من راديو وتلفزيون للتركيز على البعض وتجاهل
الآخـــر وبشتى المزاعم والتبريرات التي تدور دائما حول الفرق بين أجر الفنان
الأصلي و أجر اللص المردّد السارق لأغاني هذا الفنان .... إنها مفارنة رخيصة تبدو شبيهة بالفرق بين سعر السلعة الأصلية
وسعر السلعة المهـرّبة .
ونضيف
إلى ما سبق حقيقة أن شخصية محمد سلام الزاهدة البسيطة ؛ وإفتقاره إلى قدرات ومواهب
البلبصة والمحلسة والدهنسة ، والتحنيس والإلحاح ؛ وشيل القرعة ومـد اليد والنحيب ،
والضغط النفسي على المسئولين ومدراء مكاتبهم والسكرتيرين والغفراء في المجيء
والذهاب ؛ .. نضيف أنها قد ساهمت بقدر كبير
في تجاهل الأجهزة الأعلامية له وإعراضها عنه ؛ كونه يعتز بكرامته ويثق في قدراته ،
وغير لحوح وغير لايـوق ، وليس لزقة ، وليس
بقري ، وحاشا لله أن يكون قُرادة ...... وغير ذلك من مواصفات مطرب العصر الحاضر
الذي كتب عليه أن يكابد ويمسح الأجواخ ، ويبوس الأيادي ، ويغسل المعالق والأطباق والأكواب؛
ويلمّع الأقدام والسوق والأعناق لحساً باللسان كي يفسح لنفسه موطيء قدم وسبوبة يأكل
منها ويشرب ويلبس ويركب ... ويبني لنفسه مأوى .
نجاة
مكتبته الغنائية من السرقات:
أغلب
الظن أن (صعوبة أداء) أغنيات محمد سلام
الخاصة التي كان يتغنى بها قبل سفره إلى ليبيا لم تكن وحدها السبب في نجاة هذا التراث الغنائي
من سطو ونهب وعبث وتخريب تنابلة و"لصوص الأغاني" ، الذين إمتهنوا سرقة
جهود وعرق وعطاء الغير لأجل التكسب وجني الأموال بطريقة سهلة ؛ وعلى نحو أصبح فيه
هذا المنحى ظاهرة غير مسبوقة على نطاق العالم . وتوجه غير حضاري مثير للقرف في ظل غياب
المؤسساتية ، وتراخي الرغبة في تفعيل القوانين واللوائح الرادعة التي تحمي حقوق
الملكية الفكرية المتعارف على نصوصها وموادها وبنودها الواضحة المتشابهة في كل الدول
التي تحترم تاريخها وحاضرها وعطاء أبناءها.
وفي
هذا الإطار فإنه بإمكاننا أن نطلق على الراحل الفنان محمد سلام لقب "توت عنخ
أمون الأغنية السودانية" ..... فقد غفل "لصوص الأغاني" عن نبش
مكتبته الغنائية وسرقة محتوياتها وتشويهها عبر ترديدها للتكسب من ورائها ؛ سواء
أكان في حفلات الأعراس والطهور والإستقبال ؛ أو برامج المنوعات النمطية المستهلكة التي
تذيعها وتبثها القنوات الحكومية والخاصة بذات الفكرة والتكنيك و الأسلوب منذ عام
1964م ؛ ثم وبرامج غنائية أخرى من قبيل برنامج
"لصوص وأغاني" الذي تقدمه النيل الأزرق في رمضان .. وبرنامج مسابقات
غنائي "عائلي" آخر يستحق أن نطلق عليه "لصوص الغـد".
ويجدر
الذكر هنا أن مقبرة الفرعون المصري "توت عنخ آمون" قد تفردت دوناً عن
غيرها بأنها الوحيدة التي نجت من عبث "لصوص الآثار" . واحتفظت بكامل
هيئتها وكنوزها المادية والمعرفية ؛ إلى أن تم إكتشافها وتوثيق محتوياتها بدقة في عام
1922م على يد عالم الآثار البريطاني هيوارد كارتر.
إذن
نجت مكتبة محمد سلام من عبث "لصوص الأغاني" طوال الفترة الماضية التي
سبقت إنتقاله إلى رحمة الله .. وهذا أمرُ مفرح بالطبع .. ولكن المتوقع حدوث
"هجمة" غير مسبوقة على أغنيات محمد سلام منذ اليوم فصاعداً. وسيتسلل إلى
أشرطتها وأوراقها "لصوص الأغاني" لترديدها والأكل والشرب واللبس والركوب
وبناء المنازل من ورائها.
ولكن
برغم كل هذه التوقعات لما قد يصيب مكتبة محمد سلام من عبث ونهب وسرقة وتدمير ؛ وغير
ذلك من محاذير ماثلة . فإن السؤال الذي يعيد طرح نفسه هنا هو : لماذا ظلت مكتبة
أغنيات محمد سلام بعيدة عن السرقات حتى تاريخه؟ ..... وما هي الأسباب التي يمكن
إضافتها إلى السبب الأول المتمثل في "صعوبة تقليده ومحاكاته" ؟
الإجابة
على مثل هكذا تساؤل تثير عدة نقاط لعل أهمها الآتي:
1- كان في سفر محمد سلام وإغترابه الطويل (قرابة 20 سنة) في ليبيا سبب من
الأسباب التي أدت إلى نسيان الناس لأغانيه ، لاسيما وأن التواصل المعرفي والحضاري
ما بين ليبيا والسودان لم يكن بتلك القوة في ذلك الزمان مقارنة بما عليه الحال من
التواصل السوداني مع مصر من جهة ومع الحجاز السعودي من جهة أخرى ... ثم أن ليبيا
تظل دولة خاملة الثقافة ؛ وليست مصدراً من مصادر الإشعاع الحضاري القومي أو
العالمي أو حتى الحضور الديني العقائدي.
إغتراب المطرب والشاعر وإبتعاده زمانيا ومكانيا عن موطنه
الأصلي يظل دائماً ماحق الأثر لجهة المواكبة والتجديد.
وأذكر أن الموسيقار محمد وردي كان قد قال في أحد لقاءاته
؛ أنه فوجيء بعد عودته الأخيرة للوطن ؛ أن البعض يظن أن أغنياته القديمة التي أعاد
توزيع موسيقاها .. يظن البعض هؤلاء أنها أغنيات جديدة تغنى لأول مرة .. وعزا ذلك
إلى جانب من سلبيات إبتعاده القسري عن البلاد.....
ومصداقا ً لحديث
وردي هذا أتذكر أن فتاة من جيل الديجتال ؛ كتبت في أحد المنتديات بضعة أسطر تشيد بالمطرب المردّد
جمال فرفور بعد أن إستمعت له في أدائه لأغنية "الكروان" للفنان عبد
الدافع عثمان . وقد ظنت الصغيرة أن هذه الأغنية من أملاك جمال فرفور وجديده ؛
فراحت تكيل الإعجاب والإطراء وتسهب في مدح "فرفور" وتشيد بـ "عبقريته" و "ثقافته" التي
تمثلت في إنتقائه لكلمات الأغنية واللحن الذي إختاره لها . وطريقة الأداء لهذه
الأغنية التي توقعت لها أن تكون واحدة من أغنيات فرفور "الخالدة" ؛ وتسجل
نجاحاً منقطع النظير .... ويبدو أن المسكينة لم تستفيق من غفلتها وأوهامها تلك إلا
بعد أن رد عليها أحد أعضاء المنتدى يصحح لها معلوماتها بأن صاحب هذ الأغنية إنما
هو الفنان الراحل عبد الدافع عثمان . وأنها أغنية حتما تكون حبوبتها قد سمعتها
عندما كانت فتاة .. وأن فرفور لم يكن سوى مردّد لها على طريقة أنسخ وألصق.
2- أن محمد سلام كان صاحب نبرات صوتية قصيرة التردد نادرة تجعل من محاولات
تقليده سبباً في تزايد ضربات القلب ، والإصابة لاحقاً بإلتهاب الحنجرة لغير ذوي
القدرات الصوتية المطابقة له والتي هي في الأصل نادرة. لاسيما وأن محمد سلام قد
أضاف إلى قدراته الصوتية تلك ميزة تمديد الحروف في كثير من قفلات الكوبليهات على
ذات النسق الذي ينطق به أهل الجزيرة لهجتهم العربية المميزة ..... وقد سرى هذا المد في كافة الحركات الهجائية سواء
المحلاة بالفتح أو الضم أو الكسر..... ثم إنه وحين تتغلب عليه الكلمة ؛ فإنه يلجأ
بذكاء إلى "الإدغام" سواء أكان ذلك بغُـنّة أو بغير غُـنّـة .. وهذه
ميزة يندر أن تجدها في مطرب عادي أو حتى سوبر .. ومثلها لم تتوفر بوضوح سوى لدى
الموسيقار الشمس محمد وردي .... وربما لأجل ذلك وجد محمد وردي نفسه مُجبراً على
تحدي الذات (المجبول عليه) وترديد أغنية محمد سلام الشهيرة "إتعزز
الليمون" دون أن يأبه للفرق الشاسع بينهما في السن والمرحلة والقامة الغنائية
والموسيقىية .... ومن أمثلة الأداء المتفرد لمحمد سلام تبرز هنا أسلوب أدائه
لأغنية "آخر وداع" والتي تقول كلماتها:
طوّل غيابك
والصبر
يا غالي عاد
وحياتي ضاع
إنشاء الله ما
آخر لقاء
إنشاء الله ما
آخر وداع
ــــــــــــــــــــــ
غاب الشفق من
الآكام
والقمري طار
سابنا ومشى
حتى الغمام
لملـم دموعـــو
وجاكي حزنان
يا رشـــا
والله بعدك
مافي زولاً
غنى لا قلب
إنتشى
كيفن يغنوا
بدون عينيك
يا غالي يا ضامــر
الحشا
ــــــــــــــ
برجاك أنا
ودايب معاك
يا رقة يا ذوق
يا شباب
والله كل ما
أشوف عينيك
برحل وأحلق في
السحاب
ويقولوا لي
أنا دوب كمان
عشان ليك ما
رسل جواب
والله يا حاسدين حرام
بيناتنا ما يكون عتاب
وشفتوا قلباً زي قليبي
بــريد جمالاً زيــو داب
ـــــــــــــــ
برجاك أنا ودايب حنان
حاضن هواك لامن تجي
بي سكة البيت الحنين
أنا كل يوم بمشي وبجي
يا حلاتك أنت وكت أقول شعري
وتدوب وتقول داير أجي
برجاك أنا ويا سيدي عاد
ما الزيك إنت بيترجي
ـــــــــــــــــــ
لا يظننّ أحد بأنني أبالغ
في تقدير موهبة محمد سلام .. ولكن الذي يستمع إلى هذه الأغنية أداءاً ولحناً بصوت
هذا المطرب يدرك تماماً أن محمد سلام لا يمتلك فقط بصمة خاصة به .. بل هو في حقيقة
الأمر يمتلك "شـيفــرة" صوتية مستحيلة التفكيك ... ولك عند إستماعك لهذه
الأغنية أن ترهف السمع إلى ترديده لكلمات مثل "ضاع" ، "وداع"
، "مشـى" ، "رشـا" ، "إنتشى" ، "حشا" على
سبيل المثال وكيفية المَـدّ المتفرد عن قصد وسابق إصرار ... وفي كل ذلك تكتشف واقع
هذه الشيفرة السرية التي خص بها محمد سلام أسلوبه المتفرد في الأداء الغنائي
المستولد من اللهجة العريضة لبدو وأعراب الجزيرة ؛ وبطانة أولاد أبوسن.
وعلى هذه الحرفية التي
إرتضاها محمد سلام لأدائه يمكن ملاحظة وإستنباط ذات النسق المشار إليه أعلاه في
أغنيات أخرى مثل "داير أقول ليك" و " إتعزز الليمون".
الإنتماء المكاني لمحمد
سلام:
لست متأكدا عما إذا كان
محمد سلام ينتمي أباً عن جد لمدينة مدني . أم إذا كانت أسرته قد نزحت إليها في صغره من القرى
والحلاّل المجاورة ..... وبحسب شهادات نسابته وأخوال أبنائه في قرية أم دوم
القريبة من الخرطوم والتي تزوج منها وأقام بها ردحاً ثم ووري جثمانه الثرى في
مقابرها . فإن محمد سلام قد ولد ونشأ في حي المدنيين بمدينة مدني . كما شهد له بعض
زملاء الدارسة أنه تلقى تعليمه في المدرسة الأهلية الثانوية بمدينة مدني .... ثم
أن الجميع يعرف أنه رحمه الله قد بدأ حياته الفنية إنطلاقا من مدني ومن خلال
تلفزيونها المحلي منتصف السبعينات .... ومن ثم فإن الذي يجعل المرء في حيرة من
أمره هي تلك النبرة المغرقة في محلية البيئة القروية المحيطة بمدني ومدن الجزيرة
والبطانة الأخرى ؟
من أين جاء محمد سلام بهذه
النبرات "المغرقة في المحلية" ؟ ولماذا ظل منذ بدايته وحتى النهاية على
إصرار وتمسك بها وقناعة لاتدانيها سوى قناعات العجائز في وفائهم للهجتهم المحلية
الأم؟
الطريف أن أقران له أخرون
منهم عبد العزيز المبارك و صديق سرحان والجابري، لم يكن واحد من هؤلاء من أبناء
مدني المدينة ، وإنما نازحين إليها من ضواحي وقرى وجهات الجزيرة المختلفة . ولكنهم
تخلوا بقدر أو بآخر عن لكناتهم المحلية الخاصة بهم . وانتحلوا لغة ونبرات مدني
المدينة في إختيارهم لكلمات أغانيهم وأسلوب ترديدهم لها.
3- إذن ووفقا للمعطيات أعلاه أعتقد أن تمسك محمد سلام في أدائه الصوتي بالكثير
من النبرات "العميقة" التي يتفرد بها "أعراب" الجزيرة سواء في
النطق أو ضبط مخارج الحروف والمد والقفلات .... وكذلك المفردة اللغوية المستخدمة
..... وفقا لذلك فإن "لصوص الأغاني" قد وجدوا صعوبة وعقبة كأداء في
مجاراة هذه المحلية التي محمد سلام متمسكاً بها.
خذ
مثلا أغنيته (داير أقول ليك) تجد فيها كثيرا من كلمات ملتصقة بالحديث اليومي
لتجمعات أهل الجزيرة البدو.
داير اقول ليك إلاّ خايف
أصلي في عينيكي شايف
رؤية أمالي البعيدة
ضي بلد زي بكره عيدا
ضحكة من أمي البريدا
إلا خايف يابا قلبك لي يوالف
ــــــــــــــ
ما الزمن مرات بفرح
والقلوب أهي غايتو عايشة
والدموع مرات تزاور
ومرة تصبح مني ماشة
والعصافير لى عشيشه
مرة مرة بتبقى هاشة
راجية في موسم غناها
الغيوم الجايا راشه
إلا بس بتخاف ليالي
تصبح الربح فيها غاشة
وتبقي زي قلبي اللي خايف
ـــــــــــــــــ
دي العيون قبال تهلي
بي وراك ما خلوا سكة
فتشوا في كل المواني
سألوا عنك كل ملكة
وراحوا يغزلوا في الأغاني
للحليوة الريدا بكّ
دا القليب الراد عيونك
مرة صدق ومرة شكّ
دارك إنتي تكوني ليهو
وتملا دنياهو العواطف
ــــــــــــــــــ
ده الزمن لو جابك إنتي
في دروبي وليّ فــرّح
برضى ظلمه الكان زمان
وما بقول في مرة جرّح
دي السنين الضاعوا مني
قبل ريدك لي يصبح
أنا أصلي ما بندم عليها
ما اللي روّح ياهو روّح
وإلاّ أهلا بي مجيكي
ياقليب بالفرحة أسرح
ولي عيون الحلوة والف
ـــــــــــــــــــــ
قام
إتعزز الليمون:
وهذه
الأغنية الأشهر في مكتبة أغاني محمد سلام ، بدت وكأنها حلت عليه كاللعنة وتسببت في
نسيان الناس لكل أغانيه وإكتفائهم بترديدها هي وحدها .... فهي تبدو في سيطرتها
عليه وعلى تاريخه الفني كسيطرة المعلقات على أصحابها وعلى رأسهم الملك الضليل
أمرؤالقيس الذي ما أن ينطق الناس إسمه حتى تقفز إلى الخاطر معلقته التي يقول
مطلعها: (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ).
حمد الـرَيـّـح
ولماذا
نذهب بعيداً وننسى أن الفنان الأستاذ "حمد الريح" قد تعرض لنفس "الإحتباس
الغنائي" بعد أغنيته "إلى مسافرة" . وقد حذره محمد وردي وقتها من
أن هذه الأغنية ستكون وبالاً عليه . وهو ما حدث بالفعل . فقد إعتبرها وردي آنذاك
بمثابة "إنقلاب عسكري" على الأغنية السودانية السائدة .. وضحك حمد الريح
وقتها ، وأخد المسألة هزار وقفشة من قفشات وردي
المبالغة في الصراحة ..... ولكنه أدرك بعد سنوات أنه لم يعد يعرف إلا بهذه
الأغنية . ولا يطلب الناس منه سوى هذه الأغنية . ولا يذكره ويتذاكره الجمهور إلا
بها ... ولولا أنه صبر على "قضبانها" طوال عقد من الزمان لما إستطاع أن
ينهض ويخرج من سجنها ويعود مرة أخرى لمساره الطبيعي بأغنيات جديدة أخرجته من
"معتقل" إلى مسافرة .
كذلك
كان حال محمد الأمين مع الملحمة ... والجابري مع سيد الإسم ... وقتلت "أرض
المحنة" محمد مسكين ؛ وفعلت الشيء نفسه أغنية "حنتوب الجميلة" بالخير عثمان .... وحتى
الشعراء والكتاب لم يسلموا من هكذا حالات كان ابرزهم الروائي الطيب صالح مع روايته
"موسم الهجرة إلى الشمال" التي طغت على غيرها من رواياته الأخرى.
مثل
هذه الأعمال التي "تسجن" أصحابها و "تحجر" عليهم فترات طويلة
تظل من قبيل الإستثناءات وذوات الأضلاع الأربعة ... فهي إلى جانب إكتمال عناصر
النجاح النمطية المتمثلة في (مثلث) الكلمة واللحن والأداء الناقل للإحساس (قديما
كانوا يقولون الصوت) ... نراها وقد إضيف إليها عنصر "الزمن المناسب" ......
وهذا عين ما صادفته أغنية "إتعزز الليمون" التي حفظ لها التاريخ أنها
ظلت الوحيدة التي ردّدها جعفر نميري على الملأ مع قطاع واسع من أهل مدينته الأم (مدني)
؛ وهو آنذاك رجل السودان القوي الذي يتقلد منصب رئيس الجمهورية بعد تصفيته الدموية
للحزب الشيوعي السوداني ؛ الذي كان يعتبر أخطر وأقوى الأحزاب الشيوعية أثراً
وتنظيماً في العالم الثالث قاطبة.
لقد
كتب القدر لأغنية "إتعزز الليمون" أن تطير من الحصاحيصا لتجوب كافة
أنحاء السودان "القديم" . وتدخل كل بيت فيه ويتغنى بها كل مراهق وشاب
وكهل وشائب ؛ وحتما يرددها في سره كل عجوز أو حينما يختلي بنفسه ويتوارى عن الأنظار
في فلوات وخلاء البلدات والحواشات والجروف والمراعي والأسواق الدائمة والأسبوعية والموسمية......
وكان لمقولة "إتعزز الليمون عشان بالغنا في ريدو" من الصدى الشعبي
أن جرت مثلاً على لسان القاصي والداني منذ
ترديد محمد سلام لها وحتى تاريخه . وحتما حجزت لنفسها مكانا سامقاً وسط أمثال
السودان الشعبية الأشهر الأخرى على مقياس فرح ود تكتوك .... ويسارع المواطن إلى ترديدها والتمثل بها في شهور رمضان
التي يزداد فيها الطلب على الليمون وترتفع أسعاره .
وكان
الأحلى وأعمق من هذا وذاك أن كلمات هذه الأغنية التي تردد فيها "لون"
الليمون "الأخضر" ... كان فيها رفعاً نوعيا لنفسيات المرأة والفتاة
السودانية وإعتزازاً بلونها "الأخضر" الذي طالما إحتقرته كلمات أغاني
حقيبة وأخرى حديثة تغنت بألوان "زهرة روما" البيضاء ، و "عنب جناين
النيل" المصريات ، و "لون المنقة" الحبشيات ، و"غزلان
المسالمة" المولّدات ، وذوات "اللون الخمري" و "الخد
الزهري" ويقصد بالزهري هنا البمبي .... وهذه جميعها ألوان لا علاقة لها
بألوان البشرة النسائية السودانية (الداكنة) السائدة ... فكأنّ أغنية الليمون المتعزز هذه قد
أعادت لهذه المرأة ثقتها بنفسها وإعتزازها بلونها الأخضر الليمون ..... وأنه قد حق
لهذه المرأة التي بلون الليمون أن تتعزز لأن رجلها قد بالغ في حبها... وبالجملة
فإن التغني باللون الأخضر الليمون كان تعزيزاً لثقة الغالبية العظمى من الجنسين
الذكر والأنثى أبناء السودان في أنفسهم.
وحين
ندرك أن كلمات هذه الأغنية قد تم نشرها أولاً في جريدة الصحافة السودانية عام
1974م ومدى إرتباط تلك الفترة بشعارات نظام نميري المايوي الشمولي الحاكم المرفوعة
وعلى رأسها :
-
المواطن السوداني أساس
التنمية .
-
الإهتمام بتعليم
المرأة.
-
تعزيز مشاركة المرأة الفاعلة.
-
تحقيق الوحدة الوطنية .
-
العداء للشيوعية بوصفها فكراً دخيلاً .
لو أدركنا كل هذا أوبعضه لكُنا قد أدركنا السبب في إهتمام الإعلام المايوي
آنذاك بتعلية شأن ومعاني هذه الأغنية التي صادفت زمناً مواتياً إستثنائياً ... والتي
وللأسف الشديد لم يتعمق الكُتـّاب في الغوص داخلها وإستنباط أسباب فعلها فعل السحر في
الوجدان السوداني المتحفز في تلك الفترة للنهوض قبل أن تفاجيء نظامه السياسي
إرتدادات زلزال حرب أكتوبر 1973م ، التي تمثلت في إرتفاع أسعار البترول وغلاء
المنتجات الصناعية وإنهيار أسعار المنتجات الزراعية . وحيث بدأت الأزمة تضرب في
أطراف الإقتصاد السوداني منذ عام 1975م وكان لها ما لها من مغبات تدميرية إستمرت
حتى تاريخه .. وحيث يجدر الذكر أن بدايات الهجرات والإغتراب كانت عام 1975م .
تقول
كلمات هذه الأغنية وهي من كلمات الشاعر أزهري عبد الرحمن أبو شام وتدور قصتها ما
بين مدني والحصاحيصا وقرية كترانج (وقد تم
إدراج هذا النص المغنى على لسان محمد سلام مباشرة) وهو يختلف بعض الشيء عن النص
المكتوب.. وربما يكون محمد سلام قد أدخل بعض التعديلات على النص الأصلي لضرورات
اللحن والأداء.
بدور أشكيهو
للقمرة
وبشوفك من
أجاويدوا
يفرحنا
ويزعلنا
ويخالف في
مواعيدو
قام إتعزز
الليمون
عشان بالغنا
في ريدو
ـــــــــــــــــــــ
شفتو مخدر
الليمون
وشابكات تب
عناقيدو
حارق جوفنا دا
الليمون
نجض قبال
مواعيدوه
ــــــــــــــــــــــ
شفتو مفرهد
الليمون
وشابكات تب عناقيدو
هـدّ حشاي أنا
الليمون
وهدهد لى أغاريدو
ــــــــــــــــــ
قلنا نصيدوا
دا الليمون
عشان ما نحنا
بنريدوا
راح صايدنا دا
الليمون
قبال نحنا ما
نصيدوا
ـــــــــــــ
ليه صايدنا يا
ليمون
قبال نحنا ما
نصيدك
عشان السُمرة في
خديك
قلبي الشلتو
في إيدك
ــــــــــــ
عشان السمرة
في خديك
دا قلبي
الشلتو في إيدك
عشان ساهرت
فيك الليل
وساهرين كل
أجاويدك
ـــــــــــــــــــ
حنينة وحاتي
يا القمره
تلاقي الزول
تسالميهو
وبضي الحنان
الفيك
تغطيهو
وترشيهو
وبس تلقيهو
ديمه براهو
كان نعسان
تلوليهو
أكان زهجان
تحجيهو
دا ليمون
أرضنا الخضراء
دا ليمون مدني
دي الخضراء
ـــــــــــــــــــــ
وعلى الرغم من كل المحبطات التي لازمت وتعرض لها الفنان
الشامل الممغني الملحن محمد سلام . فلربما فرض عليه القدر أن يذهب للقاء ربه
مظلوما ولسان حاله يردد : "يا بخت من مات مظلوم" .. فقد ظلمته الأجهزة
الإعلامية من إذاعة وفضائيات تلفزيونية حكومية وخاصة بسبب الجهل والعمى الصباحي
والعشا الليلي اللذان أصابا القائمين عليها ممن لا علاقة لهم بالإعلام . وإنما جاءت
بهم مصالح السياسة والحكم ورمت بهم فوق
الكراسي رمياً ؛ وكل ما يمتلكون من مؤهلات ومواهب إنما تقتصر على ترديد كلمة
"حاضر" و "نعم" ..
ألا رحم الله الفقيد وتغمده بواسع رحمته ومغفرته وألهم
آله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.