لماذا تتركز كوارث الحجيج في مِـنـى؟
مصعب المشرّف
25 سبتمبر 2015م
لاشك أن الحج وما يشهده من تجمع لملايين البشر في مكان واحد وتاريخ محدد ؛ يشكل تحديا وإمتحاناً عسيراً للسعودية خاصة وللحجيج عامة ....
واقع الأمر فإن السلطات السعودية لم تدخر وسعا في توسعة المشاعر ، بحيث يتفادى الحجيج الإزدحام ....
ولكن تبقى حالة تركز كوارث الحجاج المتكررة في منطقة منى ورمي الجمرات هي الأجدر بالملاحظة وضرورة المعالجة بوجه خاص.
وتظل ظاهرة التدافع بين الحجاج في المشاعر والإستعجال بغير مبرر لرمي الجمرات إبتداءاً من صبيحة العاشر من ذي الحجة ,, يبقى التدافع وسط الزحام سببا رئيسيا في الحوادث التي يتعرضون لها خلال أداء ركن الحج .
واقع الأمر فإن فترة رمي الجمرات هي (أيام التشريق الثلاثة) ... 10 ـ 11 ـ 12 من ذي الحجة.
وللحاج أن يبيت في منى 3 أيام يرمي خلالها الجمرات .. ولكن البعض يستعجل ويرغب في إختصار فترة التشريق إلى يومين فقط ؛ يرمي خلالها الجمرات إستمتاعاً بقول الله عز وجل في الآية (203) من سورة البقرة:
[ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ].
ويبدو أن معظم الحجيج اليوم يرغب في إختصار الوقت والجهد ، أو بسبب إرتباطهم بأعمالهم وتجارتهم في بلدانهم .....
وبعضهم للأسف بسبب الجهل بالدين وعدم التوجيه ؛ ينسى من الآية المشار إليها أعلاه .. ينسى فرض "وأذكروا الله" ... ويضع في حسبانه فقط "رمي الجمرات" ... ورخصة "التعجل في يومين".
وصدق الله عز وجل ... ونتبين هنا الحكمة من قوله عز وجل "ولذكر الله أكبر" في الآية رقم (45) من سورة العنكبوت:
[ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ] .
وهناك من يضيف أسباباً أخرى . من بينها عدم إهتمام بعض المطوفين بتنظيم الحجاج الذين تحت مسئوليتهم . وتركهم يهيمون على وجوههم بغير دليل ... كما أن بعض المطوفين يرغبون في إستعجال فراغ الحجاج من رمي الجمرات في أقصر وقت ممكن. فيجبرونهم على الإستعجال في يومين لإختصار التكاليف .. تكاليف الإقامة والإعاشة في منى.
على اية حال فإنني أرفع للسلطات المختصة في السعودية هذه الإحصائية عن الحوادث المميتة الرئيسية ؛ التي تعرض لها الحجيج خلال السنوات مابين 1990م و 2015م .
والشيء الملحوظ أنها حدثت جميعها في منطقة منى وخلال شعائر رمي الجمرات ....
وهو ما يشير إلى ضرورة التركيز على هذا المكان وتوقيت رمي الجمرات ؛ بحيث يتم تنظيمها على نحو يضمن عدم الإزدحام في هذا المكان الضيق نسبياً ؛ بسبب التواجد دفعة واحدة في زمان واحد . رغم أن الفرصة متاحة لرمي الجمرات طوال ساعات .. ولا يقتضي الأمر بسرعة رميها بعد الهبوط من مزدلفة مباشرة .
وربما يكون من الأفضل إلزام كل مطوف بجدول محدد لجهة التوقيت ... بحيث لا يجوز له المجيء بمن هم تحت مسئوليته من الحجيج لرمي الجمرات إلا في التوقيت الزماني المحدد له.... أو يتعرض لجزاءات وغرامات رادعة متفاوتة في حالة عدم إلتزامه بهذا الجدول.
الأمر يقتضي إذن (أيضا) تجديد الفتاوي لجهة مواقيت رمي الجمرات طوال الأربعة وعشرين ساعة بسبب أن بعضهم يستعجل في يومين.
كذلك ربما يكون من الأفضل تقليل عدد الحجيج إلى مليون فقط ؛ وإلى حين الفراغ من توسعة الحرم والمشاعر الجارية حالياً.
وهذه قائمة بتاريخ الحوادث المميتة التي تعرض لها الحجاج طوال الفترة من السنوات الممتدة ما بين عامي 1990م و 2015م .
عام 2015م
وفاة 700 حاج وجرح الآلاف منهم سحقاً ، بسبب التدافع في منطقة منى خلال أداء شعيرة رمي الجمرات... ووفاة 107 حاج وجرح المئات بسبب سقوط رافعة ضخمة في باحة المسجد الحرام ..... وقد شهد هذا العام 2 مليون حاج.
عام 2006م
وفاة أكثر من 360 حاج بسبب التدافع في منطقة منى خلال رمي الجمرات.
وشهد حج هذا الموسم إنهيار مبنى سكني (8 طوابق) في مكة المكرمة قرب المسجد الحرام ما أدى لوفاة 73 حاج.
عام 2004م
وفاة أكثر من 244 حاج بسبب التدافع في منطقة منى .
عام 2001م
وفاة 35 حاج خلال تدافع في منى خلال اليوم الأخير من رمي الجمرات.
عام 1998م
وفاة 180 حاج سحقا تحت الأقدام. أو سقوطهم من الأعلى بسبب التدافع خلال رمي الجمرات.
عام 1997م
وفاة 340 حاج بسبب حريق نشب في الخيام بمنطقة منى تسبب فيه رياح عاصفة . وأصيب خلال الحريق 1500 حاج. بحروق وجراح مختلفة.
عام 1994م
وفاة 270 حاج بسبب التدافع في منطقة منى خلال رمي الجمرات.
عام 1990م
وفاة 1,426 حاج خلال تدافع داخل نفق يؤدي من منطقة منى إلى مكة المكرمة.