إعلام الـغبـاء والتخـلف
كل
القنوات الفضائية والأرضية السودانية الحكومية والتجارية المدعومة حكومياً منها ؛ بدأت
الإحتفال بقدوم عيد الفطر بكل برود في ظل ما تعانية قطاعات كبيرة من الشعب
السوداني بسبب الأمطار والسيول والفيضانات ..
ماهذا
البرود المتخلف وقلة الأدب؟.. أين الإحساس والشعور الحضاري يا أصحاب الدم
البارد الثقيل جداً؟ ...... تـبـاً لكـم يا أصحاب الحلاقيم المبحوحة واللحميات الأنفية
... والجهل الممتد والغباء الملازم في أجهزة الإعلام الجربندي الأحادي الأهبل على
مــرّ العصور؟
في قناة الشروق على سبيل
المثال . وبعد أن قدمت المذيعة أغنية لعبد الرحمن عبد الله ؛ تناولت فرحة العيد ثم
تذكرت فجأة أن هناك ضحايا ماتوا جراء الأمطار والسيول فتمنت لمن تبقى على قيد
الحياة منهم عيد سعيد . ثم تلقت مكالمة من شخص هنأها بالعيد السعيد ، وتلا عليها
قصيدة فرايحية من تأليفه ؛ فشكرته المذيعة وايتسمت . وقدمت بعد ذلك مباشرة أغنية
يقول مطلعها "العزيزة الما بتسأل عن ظروفنا الوحيدة الطال عشان جيتك
وقوفنا" ...... وحسبنا الله ونعم الوكيل ... فعلا ..
"الوحيدة الما بتسأل عن ظروفنا" ؛ كانت وتبقى وستظل حكومتنا الرشيدة
، وفي معيتها إعلامنا المتخلف الثقيل الدم. وكافة السلطات الولائية التي لم تعد
تهتم سوى بمصادرة وبيع أراضي الناس إلى المستثمرين الأجانب . وقبض العمولات
الفلكية التي تهون من أجلها نيران جهنم ، ووعيد سورة الهُمزة التي نراها وكأنّها
قد أنزلت في أمثالهم وحدهم . وجاء فيها قوله عز وجل :- [ ويلٌ لكلّ هُمزةٍ لُمزة (1) الذي جمع مالاً وعدّده (2) يحسب
أن ماله أخلده (3) كلا لينبذن في الحطمة (4) وما أدراك ما الحطمة (5) نار الله
الموقدة (6) التي تطّلع على الأفئدة (7) إنها عليهم مؤصدة (8) في عمدٍ ممدّدة
(9)].
الطريف أيضا من وسط المأساة
أن المذيعة نفسها أكدت أن العيد هذا بالذات توافقت عليه كل الدول العربية
والإسلامية .. وواضح أنها لا تعلم أن سلطنة عمان مثلاً قد أعلنت أن العيد لديها هو
يوم الجمعة وليس الخميس.
المثير للإستغراب أن والي
الخرطوم على سبيل المثال قد أدلى بتصريح لقناة النيل الأزرق ألقى فيه باللائمة على
الضحايا . فذكر أنهم نازحون من ويلات الحروب الأهلية في دارفور والنيل الأزرق وكردفان
. وأنهم قطنوا ضواحي العاصمة وبنوا لأنفسهم بيوتاً بدون تخطيط ..... والسؤال الذي
يطرح نفسه هنا ؛ والذي لم يحرؤ مقدم البرنامج الذي استضافه على مواجهته به هو : وأيـن
كانت سلطات الولاية من هؤلاء طوال الفترة الماضية ؟ ولماذا لم تقم بواجباتها
وفق الصلاحيات والسلطات الممنوحة لها لإيقاف البناء وإستيعاب النازحين في أماكن
أخرى لا تتعرض للسيول ؟ وذلك
على إعتبار أنهم مواطنون أصحاب ظروف طارئة وظروف خاصة ؛ ينبغي الأخذ بأيديهم
ومساعدتهم والوقوف إلى حانبهم في محنة نزوحهم التي فرضتها عليهم حرباً هي في
الواقع ليست أهلية بقدر ما هي حرب ينشط فيها
متمردون على الحكومة القائمة.
على أية حال ؛ فإن الشيء
المتوقع أن الولاية .. كل ولاية . لديها دراية تامة كاملة موثقة بجغرافية وتضاريس
الأراضي التابعة لها .... ويفترض أنها تمتلك دراسات طوبوغرافية دقيقة لأراضي
الولاية ..... فأين ولاية الخرطوم وغيرها من ولايات أخرى من كل هذا؟