تطورات إعتقال رئيس الإستخبارات الرواندي في لندن
مصعب المشرّف
27 يونيو 2015م
كورينزي كاراكي - رئيس الإستخبارات الرواندية
تم مؤخرا في بريطانيا إطلاق سراح "كورينزي كاراكي" رئيس الإستخبارات الرواندية الحالي بكفالة قدرها مليون جنيه إسترليني . مع تحديد إقامته داخل العاصمة البريطانية لندن حتى الخامس والعشرين من أكتوبر القادم للنظر في شرعية تسليمه للسلطات القضائية الإسبانية من عدمه.
كورينزي كاراكي يبلغ اليوم من العمر 54 سنة .. وقد وجهت إليه السلطات الإسبانية الإتهام بقتل 3 من العاملين في المنظمات الإنسانية من حملة الجنسية الإسبانية ، خلال الحرب العرقية التي شهدتها رواندا عام 1994م . هذا بالإضافة إلى توجيه السلطات الإسبانية إتهامات أخرى في مواجهة "كورزيني كاراكي" تتعلق بالإبادة الجماعية وإنتهاك حقوق الإنسان خلال تقلده آنذاك منصب رئيس الإستخبارات العسكرية ..
وهو ما يعني أن كورينزي كاراكي في حالة إقتناع المحكمة المخولة بالنظر في أمر تسليمه إلى أسبانيا . فإنه فضلا عن مواجهة القضاء الإسباني سيتعين عليه أيضا مواجهة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فيما يتعلق بالشق الثاني من بين التهم الموجهة إليه ، والمتعلقة حصراً بإرتكاب جرائم حرب والإبادة الجماعية وإنتهاك حقوق الإنسان.
المحامية شيري بلير - زوجة رئيس بريطانيا السابق طوني بلير
وكان كورينزي كاراكي قد إستعان بعد القبض عليه في مطار هيثرو يوم السبت الماضي 20 يونيو 2015م .. كان قد إستعان بخدمات المحامية البريطانية المعروفة "شيري بلير" زوجة رئيس الوزراء البريطاني السابق "طوني بلير" . وهي التي أفلحت في إستصدار قرار من محكمة لندن المركزية بالعاصمة لندن في إطلاق سراحه بكفالة بلغت قيمتها مليون جنيه إسترليني دفعها كورينزي على الفور من حسابه الخاص ...
ولكن يأتي إطلاق سراحه هذا مشروطاً ببقائه تحت المراقبة اللصيقة وعدم تجاوزه في تحركاته حدود طريق ألـM25 الدائري الذي يحيط بالعاصمة لندن ..
وقد تم تأجيل موعد الجلسة القادمة للنظر في أمر تسليمه للسلطات الإسبانية من عدمه إلى تاريخ 25 أكتوبر 2015
كورينزي كاراكي رئيس الإستخبارات الرواندي (في الوسط) بعد إطلاق سراحه بكفالة
الملفت للإنتباه أن المحامية البريطانية "شيري بلير" كانت قد قدمت مذكرة أولية بصفتها وكيلة كورينزي ؛ تطلب فيها إطلاق سراحه وتمكينه بالعودة إلى بلاده فوراً . وقد جاء في مقدمة دفوعها أن "كورينزي كاراكي" يتمتع بالحصانة الدبلوماسية ، كونه قد دخل بريطانيا بدعوة رسمية لمقابلة نظيره البريطاني .
ومن جهة أخرى فقد جرى تسريب من إدارة الإستخبارات البريطانية للصحافة يكشف النقاب عن أن اللقاء كان يفترض أن يجريه مسئول كبير في الإستخبارات البريطانية إسمه ألكس يونغر ... ولكن تم إلغاء الموعد من جانب واحد فور تلقي الإستخبارات البريطانية نبأ القبض على المسئول الرواندي الكبير.
واقع الأمر ينتظر العديد من خبراء القانون الجنائي حلول موعد الجلسة المقبلة التي تنظر في أمر تنفيذ الحكومة البريطانية لمذكرة الإعتقال الجنائي الصادرة من السلطات الإسبانية وذلك لمدى ما سيؤدي هذا القرار إلى حسم أوروبي لمسألة تمتع كبار المسئولين في أفريقيا بالحصانة الدبلوماسية خارج بلادهم ....
مسألة تمتع كبار المسئولين في أفريقيا بالحصانة الدبلوماسية ضد الملاحقات القضائية على علاتها داخل القارة الأفريقية ؛ كان قد رفض الأخذ بها مؤخراً القاضي "دوتستان بلاميو" بمحكمة نيورث غوينغ العليا الكائن مقرها في العاصمة الجنوب أفريفية بريتوريا ؛ وذلك على خلفية الإشكال القانوني الذي ثار بين حكومة جنوب أفريقيا والمحكمة العليا ؛ بشأن تنفيذ مذكرة منع من السفر أصدرها قاضي في محكمة جنائية في حق الرئيس السوداني عمر البشير ؛ بناء على طلب رسمي من (فاتو بن سودا) المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية ؛ ولكن لم يتم العمل بها.
وقد أعلن هذا القاضي رفض المحكمة العليا لهذا المبدأ ، في حالة تعارضه مع صدور إتهامات قضائية بممارسة رؤساء الدول وكبار المسئولين فيها لجرائم في حق أفراد أو جماعات تقع تحت طائلة القانون الجنائي. ومنها على سبيل المثال تلك التي تتعلق بالإبادة الجماعية وإنتهاك حقوق الإنسان. وإصدار أوامر بالقتل دون الإستناد إلى قرارات صادرة من المحاكم.
واقع الأمر فإن المسألة ستأخذ على ما يبدو أبعاداً عالمية لا حدود لها . وتفتح من جديد الكثير من الملفات المغلقة في أضابير العدالة . ومن تلك الملفات ما يتعلق بأعمال التعذيب والتصفيات الجسدية التي تعرض لها معتقلون داخل سجن أبو غريب العراقي على يد مسئولين وضباط وجنود في جيش الإحتلال الأمريكي ؛ أو على يد عناصر تعمل في شركات أمن أمريكية خاصة حصلت على ترخيص بحراسة وإدارة بعض المعتقلات والسجون في العراق أثناء وبعد توقف الحرب.